حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ» (وَلَا يَحْمِلُهَا) وَلَوْ أُنْثَى (إلَّا رِجَالٌ) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا غَالِبًا وَقَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ لَوْ حَمَلْنَ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا وَفِي مَعْنَاهُنَّ الْخَنَاثَى فِيمَا يَظْهَرُ
(وَحَرُمَ حَمْلُهَا بِهَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ أَوْ قُفَّةٍ (أَوْ) هَيْئَةٍ يُخَافُ مِنْهَا (سُقُوطُهَا) بَلْ تُحْمَلُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ قَبْلَ حُصُولِ مَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ
(وَالْمَشْيُ وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا وَبِبُعْدِهَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ»
ــ
[حاشية الجمل]
أَوْ وَاحِدٍ فَمَكْرُوهٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الطِّفْلِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَيْدِي وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِالْحَمْلِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ بَدَأَ بِالْعَمُودِ الْأَيْسَرِ مِنْ مُقَدَّمِهَا بِأَنْ يَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ لِأَنَّ فِيهِ الْبُدَاءَةَ بِيَمِينِ الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ ثُمَّ بِالْأَيْسَرِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا كَذَلِكَ ثُمَّ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهَا لِئَلَّا يَمْشِيَ خَلْفَهَا فَيَبْدَأَ بِالْأَيْمَنِ مِنْ مُقَدَّمِهَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ بِالْأَيْمَنِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا كَذَلِكَ وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بَدَأَ بِحَمْلِ الْمُقَدَّمِ عَلَى كَتِفَيْهِ ثُمَّ بِالْعَمُودِ الْأَيْسَرِ الْمُؤَخَّرِ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا فَيَأْخُذُ الْأَيْمَنَ الْمُؤَخَّرَ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَمَرَ بِحَمْلِهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ أَمَرَ بِحَمْلِهَا وَهُوَ أَبُو عَمْرو سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ الصَّحَابِيُّ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ مُصْعَبٍ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهَاجِرًا إلَى الْمَدِينَةِ لِيُعَلِّمَ الْمُسْلِمِينَ أَمْرَ دِينِهِمْ وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَغَيْرَهُمَا وَلَمَّا مَرِضَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَضْعِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ عِيَادَتُهُ فَمَكَثَ أَيَّامًا فِي الْمَسْجِدِ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الْمَيِّتُ الَّذِي اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ اللَّيْلَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُنْظُرُوا مَا فُعِلَ بِسَعْدٍ فَنَظَرُوا إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ وَكَانَ بِالْمَسْجِدِ حِينَئِذٍ دَاجِنٌ وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ قَدْ دَاسَ عَلَى ذِرَاعِهِ فَتَفَجَّرَ الدَّمُ فَمَاتَ شَهِيدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَامَ الْخَنْدَقِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَضَرَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْجُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ وَقَدْ مَدَحَهُ حَسَّانُ بِقَوْلِهِ
وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ هَالِكٍ ... سَمِعْنَا بِهِ إلَّا لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرٍو
اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْمِلُهَا إلَّا رِجَالٌ) أَيْ نَدْبًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ حَمْلُهُنَّ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ حَمْلُهَا بِهَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) ظَاهِره وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ أَوْ قُفَّةٍ) وَكَحَمْلِ الْكَبِيرِ عَلَى الْيَدِ وَالْكَتِفِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَيْدِي مُطْلَقًا اهـ حَجّ أَيْ دَعَتْ حَاجَةٌ لِذَلِكَ أَمْ لَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَالْمَشْيُ وَبِإِمَامِهَا إلَخْ) وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ مَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ فِتْنَةٌ أَيْ مِنْهُنَّ أَوْ عَلَيْهِنَّ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ اهـ. حَجّ. اهـ. ع ش م ر وَلَوْ مَرَّتْ عَلَيْهِ جِنَازَةٌ وَلَمْ يُرِدْ الذَّهَابَ مَعَهَا اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ لَهَا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَعْظِيمُ الْمَيِّتِ وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا بِكَرَاهَةِ الْقِيَامِ وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ عَنْ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِيَامِ فِيهَا مَنْسُوخٌ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ وَأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَوْ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ اهـ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا رَأَى جِنَازَةً قَالَ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا ثُمَّ أُسْنِدَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ مَنْ رَأَى جِنَازَةً فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً» اهـ شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ لُعْ ش عَلَيْهِ وَيُسَنُّ أَيْضًا لِمُشَيَّعِ الْجِنَازَةِ إذَا سَبَقَهَا عَلَى الْقَبْرِ أَنْ لَا يَقْعُدَ حَتَّى تُوضَعَ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
(فَائِدَةٌ) سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّارُ عَنْ وُقُوفِ الْجِنَازَةِ وَرُجُوعِهَا فَقَالَ يُحْتَمَلُ مَتَى كَثُرَتْ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ يَدَيْهَا رَجَعَتْ أَوْ وَقَفَتْ وَمَتَى كَثُرَتْ خَلْفَهَا أَسْرَعَتْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلَوْمِ النَّفْسِ لِلْجَسَدِ وَلَوْمِ الْجَسَدِ لِلنَّفْسِ يَخْتَلِفُ حَالُهَا تَارَةً تَتَقَدَّمُ وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا فِي حَالِ رُجُوعِهَا لِيَتِمَّ أَجَلُ بَقَائِهَا فِي الدُّنْيَا وَسُئِلَ عَنْ خِفَّةِ الْجِنَازَةِ وَثِقَلِهَا فَقَالَ إذَا خَفَّتْ فَصَاحِبُهَا سَعِيدٌ لِأَنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ وَالْحَيُّ أَخَفُّ مِنْ الْمَيِّتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٦٩] الْآيَةَ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ فِي الْمَطَالِعِ وَالتَّزَاحُمُ عَلَى النَّعْشِ وَالْمَيِّتِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَكَانَ الْحَسَنُ إذَا رَآهُمْ يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ يَقُولُ: إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِأَمَامِهَا) أَيْ وَلَوْ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ لِأَنَّهُ شَافِعٌ وَحَقُّ الشَّافِعِ التَّقَدُّمُ وَأَمَّا خَبَرُ «امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» فَضَعِيفٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا) زَادَ حَجّ أَيْ رُؤْيَةً كَامِلَةً وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بُعْدًا