وَرَوَى الْحَاكِمُ خَبَرَ «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ مَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا مِنْ زِيَادَتِي
(وَسُنَّ إسْرَاعٌ بِهَا) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» (إنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ وَإِلَّا فَيُتَأَنَّى بِهِ وَالْإِسْرَاعُ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَدُونَ الْخَبَبِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأَنِّي أَيْضًا زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْإِسْرَاعِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) سُنَّ (لِغَيْرِ ذَكَرٍ مَا يَسْتُرُهُ كَقُبَّةٍ) لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ ذَكَرِ الشَّامِلِ الْخُنْثَى أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأُنْثَى
(وَكُرِهَ لَغْطٌ فِيهَا) أَيْ فِي الْجِنَازَةِ أَيْ فِي السَّيْرِ مَعَهَا وَالْحَدِيثُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا بَلْ الْمُسْتَحَبُّ التَّفَكُّرُ فِي أُمُورِ الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
يَقْطَعُ عُرْفًا نِسْبَتَهُ إلَيْهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ أَمَامَهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْمَشْيِ أَمَامَهَا مَعَ الْبُعْدِ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الرُّكُوبِ وَقَالَ الشَّيْخ عَمِيرَةُ لَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَانْظُرْ مَاذَا يُرَاعَى اهـ. وَالْأَقْرَبُ مُرَاعَاةُ الْأَمَامِ وَإِنْ بَعُدَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَرَوَى الْحَاكِمُ إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْمَفْضُولِ الَّذِي أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الرَّاكِبَ يَسِيرُ خَلْفَهَا اهـ اط ف (قَوْلُهُ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى كَوْنُ الْمَشْيِ أَمَامَهَا وَقُرْبَهَا وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا فَلَا مُطَابَقَةَ بَيْنَ الدَّلِيلِ وَالْمُدَّعَى فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. اهـ. شَيْخُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْأَمَامِ مَا لَيْسَ بِخَلْفٍ فَيَشْمَلُ يَمِينَهَا وَشِمَالَهَا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِدْلَال عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمَشْيِ وَكَوْنِهِ أَمَامَهَا تَأَمَّلْ وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى الْمَفْضُولِ وَهُوَ كَوْنُهُ عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا كَمَا دَلَّ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَفْضَلِ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ إلَخْ) أَيْ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رِكَابًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ أَلَا تَسْتَحْيُونَ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ هُنَا عَدَمُ كَوْنِ الْمَشْيِ لَائِقًا بِهِ لِمَنْصِبٍ أَوْ نَحْوِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْحَجِّ مِنْ نَدْبِ الرُّكُوبِ عَلَى الْقَتَبِ لِمَنْ أَطَاقَهُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْمُرُوءَاتِ وَأَسْبَابِهَا غَالِبًا بِخِلَافِ الْحَضَرِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْجَنَائِزِ إيثَارُ النَّاسِ لِلْمَشْيِ مَعَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَخْتَلَّ بِذَلِكَ مُرُوءَاتُهُمْ وَإِنْ جَلُّوا فَالْوَجْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ هُنَا أَيْضًا اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا إلَخْ) أَفَادَ بِهَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْله فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً) أَصْلُهُ تَكُونُ سُكِّنَتْ نُونُهُ لِلْجَازِمِ ثُمَّ حُذِفَتْ الْوَاوُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ثُمَّ حُذِفَتْ النُّونُ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ دَوْرِ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ فَصَارَ فَإِنْ تَكُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ عَنْ رِقَابِكُمْ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْ الرَّحْمَةِ فَلَا مَصْلَحَةَ لَكُمْ فِي مُصَاحَبَتِهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَرْكُ صُحْبَةِ أَهْلِ الْبَطَالَةِ وَغَيْرِ الصَّالِحِينَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ بِالْإِسْرَاعِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْإِسْرَاعُ يُغَيِّرُهُ دُونَ التَّأَنِّي اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَدُونَ الْخَبَبِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُوَحَّدَتَيْنِ الْمَشْيُ فَوْقَ الْهِينَةِ وَالتَّأَنِّي اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ الْخَبَبُ نَوْعٌ مِنْ الْعَدْوِ وَبَابُهُ رَدَّ اهـ. وَخَبَبًا أَيْضًا وَخَبِيبًا (قَوْلُهُ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلِغَيْرِ ذَكَرٍ مَا يَسْتُرُهُ كَقُبَّةٍ) وَأَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَانَتْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ وَأَوْصَتْ بِهِ فَقَالَ عُمَرُ نِعْمَ خِبَاءُ الظَّعِينَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَقُبَّةٍ) أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِحُرْمَةِ سَتْرِ تِلْكَ الْقُبَّةِ بِحَرِيرٍ وَكُلِّ مَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الزِّينَةُ وَلَوْ مِنْ حُلِيٍّ وَخَالَفَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فَجَوَّزَ الْحَرِيرَ فِي الْمَرْأَةِ وَالطِّفْلِ وَاسْتَوْجَهَهُ شَيْخُنَا اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ لَغْطٌ فِيهَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِهَا وَهُوَ ارْتِفَاعُ الْأَصْوَاتِ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَرِهُوا رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَالْقِتَالِ وَالذِّكْرِ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ قَوْلَ الْمُنَادِي مَعَ الْجِنَازَةِ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ لَهُ فَقَدْ سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَقُولُ ذَلِكَ فَقَالَ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك وَالْمُخْتَارُ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ السُّكُوتِ فِي حَالِ السَّيْرِ فَلَا يُرْفَعُ صَوْتٌ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِهِمَا بَلْ يُشْتَغَلُ بِالتَّفَكُّرِ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ وَفَنَاءِ الدُّنْيَا وَأَنَّ هَذَا آخِرُهَا وَيُسَنُّ الِاشْتِغَالُ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ سِرًّا وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُرَّاءِ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِ مَا يُفْعَلُ الْآنَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ مِنْ الْيَمَانِيَةِ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ وَتَعَرُّضًا لِلتَّكَلُّمِ فِيهِ وَفِي وَرَثَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُهُ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ أَيْ وَلَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْمَيِّتِ بَلْ هُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ قِرَاءَةِ الرُّؤَسَاءِ وَنَحْوِهِمْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ أَيْ وَالْمَنْعُ مِنْهُ وَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْمَنْعِ وَلَمْ يَمْنَعْ فَسَقَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ فِي السَّيْرِ مَعَهَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ فَرَضُوا كَرَاهَةَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهَا فِي حَالِ السَّيْرِ وَسَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ فِي الْحُضُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَوَضْعِهِ فِي النَّعْشِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ