مُسْلِمٍ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَمَنْ ظَنَّ الضِّدَّ لَا يَعْمَلُ بِظَنِّهِ لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى مِنْهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ.
(فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا) أَيْ الطُّهْرَ وَالْحَدَثَ كَأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) يَأْخُذُ بِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ سَوَاءٌ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الطُّهْرِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ حَدَثٍ " شَامِلٌ لِلْأَكْبَرِ اهـ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا) أَيْ رِيحًا يَجُولُ فِي جَوْفِهِ يَطْلُبُ الْخُرُوجَ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ أَيْ لَا يُبْطِلُ صَلَاةَ نَفْسِهِ بِمَا وَجَدَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْوُضُوءِ، أَوْ الْمُرَادُ لَا يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَمَّاهَا مَسْجِدًا مَجَازًا مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْحَالِ بِاسْمِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا الْمُرَادُ مِنْهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بُطْلَانَ الطَّهَارَةِ بِسَمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ) فَاعِلُ أَشْكَلَ الْخُرُوجُ وَعَدَمُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ ظَنَّ الضِّدَّ إلَخْ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَعَادَهُ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى مِنْهُ أَيْ لِأَنَّ ظَنَّ الضِّدِّ وَظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَمَنْ شَكَّ فِي الضِّدِّ لَا يَعْمَلُ بِشَكِّهِ؛ لِأَنَّ ظَنَّ إلَخْ، أَوْ يُقَالُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ إلَخْ، أَوْ يُقَالُ لَفْظَةُ " ظَنَّ " زَائِدَةٌ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا، أَوْ يَبْقَى الظَّنُّ الْأَوَّلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيُؤَوَّلُ الظَّنُّ الثَّانِي بِالْإِدْرَاكِ الشَّامِلِ لِلتَّوَهُّمِ اهـ تَقْرِيرُ عَشْمَاوِيٍّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: قَوْلُهُ: لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى هَذَا يَقْتَضِي إمْكَانَ اجْتِمَاعِ ظَنِّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ مَعَ ظَنِّ الضِّدِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ رُجْحَانِ إدْرَاكِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَدَمُ رُجْحَانِ إدْرَاكِ الْآخَرِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي وَيُؤَوَّلُ بِأَنْ يُرَادَ بِالظَّنِّ الْإِدْرَاكُ اهـ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ فَقَدْ يُسَلَّمُ وَذَلِكَ فِيمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَدْ التَّجْدِيدَ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ حَيْثُ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَ حَدَثِهِ وَطُهْرِهِ الْوَاقِعَيْنِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ دَائِمًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سَوْقِ كَلَامِهِ فَمَمْنُوعٌ تَأَمَّلْ اهـ ح ل وَأُجِيبَ عَنْ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمَاءَ الْمَظْنُونَ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ يُرْفَعُ بِهِ يَقِينُ الْحَدَثِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَطَهَّرَ بَعْدَ يَقِينِ الْحَدَثِ وَشَكَّ بَعْدَ طَهَارَتِهِ فِي تَرْكِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِيهَا وَقَدْ رَفَعْنَا هُنَا يَقِينَ الْحَدَثِ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ) أَيْ وَإِسْقَاطُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ إلَخْ) جَعَلَهَا ابْنُ الْقَاصِّ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ وَرَدَّهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِمَا ذُكِرَ يَأْتِي عَلَى الْيَقِينِ لَا عَلَى الشَّكِّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ) عِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ طُهْرٌ وَحَدَثٌ وَلَكِنَّهُ جَهِلَ السَّابِقَ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِيمَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ حُدُوثَهُمَا مِنْهُ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَثَلًا نَظَرَ إلَى حَالِهِ قَبْلَ الطُّلُوعِ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا قُلْنَا لَهُ: أَنْتَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّك تَيَقَّنْتَ طَهَارَةً رَفَعَتْ حَدَثَك الْأَوَّلَ، وَالْحَدَثُ الثَّانِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا فَيُبْطِلَهَا وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا، وَالْحَدَثَانِ مُتَوَالِيَانِ فَتَبْقَى، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُتَطَهِّرًا قُلْنَا: أَنْتَ الْآنَ مُحْدِثٌ؛ لِأَنَّك تَيَقَّنْتَ حَدَثًا رَفَعَ طَهَارَتَك الْأُولَى ثُمَّ الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَهُ فَتَرْفَعَهُ وَأَنْ تَكُونَ قَبْلَهُ وَالطَّهَارَتَانِ مُتَوَالِيَتَانِ فَتَكُونُ مُحْدِثًا، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَادَتِهِ التَّجْدِيدُ أَمَّا مَنْ لَا يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَيَبْعُدُ مَعَهُ تَقْدِيرُ تَوَالِي الطَّهَارَتَيْنِ وَتَأَخُّرِ الْحَدَثِ بَعْدَهُمَا بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ طَهَارَتَهُ وَقَعَتْ بَعْدَ حَدَثٍ فَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا، انْتَهَتْ. وَهِيَ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ فَإِنْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا طُهْرًا وَحَدَثًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا نَظَرَ فِيمَا قَبْلَهُمَا وَأَخَذَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا قَبْلَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ أَخَذَ بِضِدِّهِ وَهَكَذَا يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ بِضِدِّهِ وَفِي الشَّفْعِ بِمِثْلِهِ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ التَّجْدِيدِ اهـ عُبَابٌ اهـ ز ي.
وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَحَدَثًا بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا وَتَيَقَّنَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ كَذَلِكَ وَتَيَقَّنَهُمَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَذَلِكَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ أُولَاهَا مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّكِّ وَمَا قَبْلَ الْفَجْرِ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَمَا بَعْدَ الشَّمْسِ هُوَ الثَّالِثَةُ فَيَنْظُرُ إلَى قَبْلِ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَقَبْلِ الْمَغْرِبِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ - إذْ ذَاكَ - مُحْدِثًا فَهُوَ قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرٌ، أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ، وَإِلَّا فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَى الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ حُكِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالْحَدَثِ فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ، ثُمَّ يُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَى مَا بَعْدَ الشَّمْسِ مِثْلُ مَا سَبَقَ فَقَوْلُ الْمُحَشِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute