مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا» أَيْ نَسِيمِ رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا «وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا» أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ «إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ» أَيْ مِنْ الْأَهْوَالِ «كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ وَقَدْ جِئْنَاك رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك رِضَاك وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ.
ــ
[حاشية الجمل]
كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ م ر حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ وَابْنُ أَمَتِك اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا اهـ. شَرْحُ م ر وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ وَإِلَّا فَيَجُوزُ فِي الرَّوْحِ الضَّمُّ كَمَا قُرِئَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: ٨٩] وَفِي السَّعَةِ بِالْكَسْرِ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ
وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ
اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْ نَسِيمِ رِيحِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْأَخَصِّ إلَى الْأَعَمِّ إذْ النَّسِيمُ نَوْعٌ مِنْ الرِّيحِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ) الْمَشْهُورُ فِي مَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ الْجَرُّ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ؛؛ لِأَنَّهُ بِالرَّفْعِ يُرْسَمُ بِالْوَاوِ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا فِيهَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ مَا يُحِبُّهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ أَحَبَّ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الْحَاءِ مِنْ حَبَّ لُغَةٌ فِي أَحَبَّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَحْبَبْت الشَّيْءَ بِالْأَلِفِ فَهُوَ مُحِبٌّ وَحَبَبْته أَحِبُّهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالْقِيَاسُ أُحِبُّهُ بِالضَّمِّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَحَبَبْته أَحِبُّهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ ضَرَبَ وَتَعِبَ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِيهِمَا لِلْمَيِّتِ وَالْبَارِزُ لِمَحْبُوبِ الْمَيِّتِ مِنْ عَاقِلٍ وَغَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ كَانَ يَشْهَدُ) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ دَعَوْنَاك لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْهَدُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا) كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَيْ بِحَسَبِ مَا نَعْلَمُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ أَيْ مِنَّا قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ تَفْوِيضٌ لِلْأَمْرِ إلَيْهِ تَعَالَى خَوْفًا مِنْ كَذِبِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَاقِعِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك) أَيْ هُوَ ضَيْفُك وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَضَيْفُ الْكِرَامِ لَا يُضَامُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ) نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ هُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي بِهِ، وَهَذَا الْمَحْذُوفُ هُوَ الْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ خَيْرًا اسْمُ تَفْضِيلٍ حُذِفَتْ مِنْهُ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا وَهَذَا الْمُقَدَّرُ يَجُوزُ تَقْدِيرُهُ مُفْرَدًا أَيْ أَنْتَ خَيْرٌ أَيْ أَخْيَرُ وَأَفْضَلُ كَرِيمٍ مَنْزُولٍ بِهِ يَنْزِلُ بِهِ الضِّيفَانُ وَيَجُوزُ تَقْدِيرُهُ جَمْعًا أَيْ وَأَنْتَ خَيْرُ كُرَمَاءَ مَنْزُولٍ بِهِمْ أَيْ يَنْزِلُ بِهِمْ الضِّيفَانُ وَيَجُوزُ تَقْدِيرُهُ مُؤَنَّثًا فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ كُفْرٌ أَيْ وَأَنْتَ خَيْرُ كَرِيمَةٍ أَيْ ذَاتِ كَرِيمَةٍ مَنْزُولٍ بِهَا أَيْ يَنْزِلُ بِهَا الضِّيفَانُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ هَذَا الضَّمِيرَ يَجُوزُ إفْرَادُهُ وَجَمْعُهُ وَتَأْنِيثُهُ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقَدْ جِئْنَاك إلَخْ) هَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْإِمَامِ كَالْقُنُوتِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ جِئْتُك شَافِعًا أَوْ هُوَ عَامٌّ فِي الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَيَقُولُهُ الْمُنْفَرِدُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ؛ وَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا شَارَكَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِنْ أَنَّهُ قَدْ حَصَرَ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا يَعْنِي مِنْ الْإِنْسِ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمَعْنَى جِئْنَاك تَوَجَّهْنَا إلَيْك أَوْ قَصَدْنَاك اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك رِضَاك) أَيْ أَعْطِهِ وَيَجُوزُ فِي لَقِّهِ وُجُوهٌ ثَلَاثَةٌ إسْكَانُ الْهَاءِ وَكَسْرُهَا بِاخْتِلَاسٍ وَبِإِشْبَاعٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَيَجِيءُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَأَحْيِهِ فَتَوَفَّهُ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ وَلَقِّهِ أَيْ أَنِلْهُ أَوْ أَعْطِهِ تَكَرُّمًا وَقَوْلُهُ وَقِه فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْوِقَايَةِ أَيْ سَمِّلْهُ أَوْ ادْفَعْ عَنْهُ وَيَجُوزُ فِي كُلٍّ مِنْ لَقِّهِ وَقِه كَسْرُ الْهَاءِ مَعَ الْإِشْبَاعِ وَدُونَهُ وَسُكُونُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ) هِيَ سُؤَالَ الْمَلَكَيْنِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقِيلَ الْعَذَابُ وَقِيلَ فِتْنَةُ الشَّيْطَانِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ هِيَ شَرُّ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ وَهُمَا لِلْمُؤْمِنِ مُبَشِّرٌ وَبَشِيرٌ وَلِغَيْرِهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ بِفَتْحِ كَافِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَكِلَاهُمَا ضِدُّ الْمَعْرُوفِ سُمِّيَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ خَلْقُهُمَا خَلْقَ آدَمِيٍّ وَلَا مَلَكٍ وَلَا غَيْرِهِمَا وَهُمَا جَعْدَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ أَعْيُنُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ أَوْ كَاللَّهِيبِ أَوْ قُدُورِ النُّحَاسِ وَأَنْيَابُهُمَا مِثْلُ صَيَاصِي الْبَقَرِ وَأَصْوَاتُهُمَا مِثْلُ الرَّعْدِ الْقَاصِفِ يَحْفِرَانِ الْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا وَيَطَآنِ فِي أَشْعَارِهِمَا وَمَعَهُمَا مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ مِنًى لَمْ يُقِلُّوهَا أَيْ يَحْمِلُوهَا جَعَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِكْرَةً لِلْمُؤْمِنِ لِيُبْصِرَهُ وَيُثْبِتَهُ وَعَذَابًا لِغَيْرِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَجَافِ الْأَرْضَ) أَيْ بَاعِدْ بِمَعْنَى أَنَّ ضَمَّةَ الْقَبْرِ تَكُونُ عَلَيْهِ سَهْلَةً لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُرْتَفِعًا عَنْ الْأَرْضِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ عَنْ جَنْبَيْهِ) بِنُونٍ فَمُوَحَّدَةٍ مُثَنَّى جَنْبٍ وَبِمُثَلَّثَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَهِيَ أَوْلَى لِعُمُومِهَا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ مِنْ الْجَنْبَيْنِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ جَنْبِهِ بِالْإِفْرَادِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ الْإِسْنَوِيُّ