(وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَأَكْثَرَ) لِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إلَّا غُفِرَ لَهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
(وَ) يُسَنُّ (تَكْرِيرُهَا) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ الدَّفْنِ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا كَالْأُولَى سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ الدَّفْنِ أَمْ بَعْدَهُ فَيَقْوَى بِهَا الْفَرْضُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ الْمُتَوَلِّي وَذِكْرُ السِّنِّ فِي الْأُولَى وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا إعَادَتُهَا) فَلَا تُسَنُّ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا وَمَعَ ذَلِكَ تَقَعُ نَفْلًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
ــ
[حاشية الجمل]
بِأُمِّهِمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُصَلُّونَ سِتَّةً فَأَكْثَرَ اهـ. حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ السِّتَّةِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَوْ حَضَرَ مَعَ الْإِمَامِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَقَفُوا خَلْفَهُ.
وَفِي سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ، فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَقَطْ فَهَلْ يَقِفُ الزَّائِدُ عَلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ صَفَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدَدِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ صُفُوفٍ؛ وَ؛ لِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ بِالْإِمَامِ أَوْ صَفًّا وَاحِدًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ وَجِيهٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَقَفُوا خَلْفَ الْإِمَامِ، وَلَوْ قِيلَ يَقِفُ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَاثْنَانِ صَفًّا لَمْ يَبْعُدْ لِقُرْبِهِ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ وَأَمَّا لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَيَنْبَغِي وُقُوفُ كُلِّ اثْنَيْنِ صَفًّا خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةً لِمَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الثَّلَاثَةِ الصُّفُوفِ أَيْضًا وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُونَ ثَلَاثًا فَقَطْ بِالْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْآخَرُ وَرَاءَ مَنْ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ اثْنَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ صَفًّا وَالِاثْنَانِ صَفًّا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ فَسَقَطَ طَلَبُ الثَّالِثِ لِتَعَذُّرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلِهِ أَيْضًا وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَأَكْثَرَ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ فِي دَرَجَتِهَا وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الصَّفَّ الرَّابِعَ دُونَهَا فِي الْفَضِيلَةِ وَقَدْ يُقَالُ الْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ النَّقْصِ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا وُجِدَتْ الصُّفُوفُ الثَّلَاثَةُ وَجَاءَ آخَرُ كَانَ الْأَفْضَلُ لَهُ الِاصْطِفَافَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ وَكَانَ قِيَاسُ كَوْنِهَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّخْيِيرُ عِنْدَ الِاصْطِفَافِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَأَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الِاصْطِفَافِ وُجُودُ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ صَفٍّ فَاصْطِفَافُ الرَّابِعِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الصُّفُوفُ بَلْ كَانَ فِي كُلِّ صَفٍّ اثْنَانِ مَعَ السَّعَةِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ هَلْ يَصْطَفُّ مَعَهُ وَاحِدٌ وَيَقِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَلْفَ الْآخَرِ حَرِّرْ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ أَيْ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلَمْ يُجْعَلْ أَوَّلُهَا أَفْضَلَ مِمَّا بَعْدَهُ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ بَعْضِهَا فَالثَّلَاثَةُ فِي حَقِّ الدَّاخِلِ سَوَاءٌ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ بَعْدَهَا أَيْ الثَّلَاثَةِ آكَدُ مِمَّا بَعْدَهُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا) أَيْ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ الْفَرْضِ وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلَيْنِ لِبَقَاءِ الْخِطَابِ بِهِ نَدَبًا وَقَدْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سُنَّةً وَإِذَا وَقَعَ وَقَعَ وَاجِبًا كَحَجِّ فِرْقَةٍ تَأَخَّرَتْ عَمَّنْ وَقَعَ بِإِحْرَامِهِمْ الْإِحْيَاءِ الْآتِي اهـ. تُحْفَةٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلَيْنِ فَكَيْفَ تَكُونُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَتَقَعُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا كَالْأُولَى، فَإِنْ قِيلَ إذَا سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْأَوْلَى كَيْفَ تَقَعُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا أُجِيبَ بِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْأُولَى إنَّمَا هُوَ حَرَجُ الْفَرْضِ لَا هُوَ وَأَيْضًا لَا بِدَعَ فِي كَوْنِ ابْتِدَاءِ الشَّيْءِ غَيْرُ فَرْضٍ، ثُمَّ يَصِيرُ فَرْضًا بِالدُّخُولِ فِيهِ كَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَأَحَدِ خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إذَا لَمْ يَتِمَّ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بَلْ تَتَجَدَّدُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِ الْفَاعِلِينَ لَهُ كَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَحِفْظِ الْقُرْآنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذْ مَقْصُودُهَا الشَّفَاعَةُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ وَلَيْسَ كُلُّ فَرْضٍ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ مُطْلَقًا انْتَهَتْ.
وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ هَذِهِ الْمُكَرَّرَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَصْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا مَنْدُوبٌ أَوْ لَا يَجُوزُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا تَصِيرُ فَرْضًا بِالدُّخُولِ فِيهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا إعَادَتُهَا فَلَا تُسَنُّ) أَيْ لَا جَمَاعَةً وَلَا فُرَادَى فَلَوْ أَعَادَهَا وَقَعَتْ نَفْلًا كَمَا سَيَأْتِي وَلَا تَتَقَيَّدُ الْإِعَادَةُ بِمَرَّةٍ وَلَا بِجَمَاعَةٍ وَلَا فُرَادَى وَوُقُوعُهَا نَفْلًا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الصَّلَاةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَعَلَّ وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ وَكَثْرَةُ الثَّوَابِ لَهُ وَلَا تَجِبُ فِي هَذِهِ الْمُعَادَةِ نِيَّةُ الْفَرِيضَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي رُكْنِ الْقِيَامِ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَادَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقِيَامِ قَالَ حَجّ وَهَذِهِ الْمُعَادَةُ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا) أَيْ لَا يُبْتَدَأُ بِهَا نَفْلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْشِئُهَا بِغَيْرِ سَبَبٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَكُونُ لِلتَّبَرِّي وَجْهٌ وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَقَعُ نَفْلًا مُبْتَدَأً وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا الشَّوْبَرِيُّ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَوَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى نَقَضَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَكَذَا صَلَاةُ الصَّبِيِّ مَعَ الرِّجَالِ اهـ.