للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَإِنْ اُشْتُرِطَ هُنَا حُضُورُ الْجُزْءِ وَبَقِيَّةُ مَا يُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ مِنْ مَيِّتٍ لِيَخْرُجَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ إذَا وُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَتُسَنُّ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ نَعَمْ لَوْ أُبِينَ مِنْهُ فَمَاتَ حَالًا كَانَ حُكْمُ الْكُلِّ وَاحِدًا يَجِبُ غَسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ وَتَعْبِيرِي بِالْجُزْءِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعُضْوِ.

(وَالسِّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ (إنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ) بِصِيَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُهَا) كَاخْتِلَاجٍ أَوْ تَحَرُّكٍ (كَكَبِيرٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا فِي الْأُولَى وَلِظُهُورِ أَمَارَاتِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلِخَبَرِ «الطِّفْلِ يُصَلَّى عَلَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَتَعْبِيرِي بِعُلِمَتْ حَيَاتُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَهَلَّ أَوْ بَكَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ أَمَارَاتُهَا (وَجَبَ تَجْهِيزُهُ بِلَا صَلَاةٍ) عَلَيْهِ (إنْ ظَهَرَ خَلْقُهُ) وَفَارَقَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَهَا بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُدْفَنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ (سُنَّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ) دُونَ غَيْرِهِمَا وَذِكْرُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَالْعِبْرَةُ فِيمَا ذُكِرَ بِظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ وَعَدَمِ ظُهُورِهِ فَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِبُلُوغِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَدَمِ بُلُوغِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ ظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ عِنْدَهَا وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِزَمَنِ إمْكَانِ نَفْخِ الرُّوحِ وَعَدَمُهُ وَبَعْضُهُمْ بِالتَّخْطِيطِ وَعَدَمِهِ وَكُلُّهَا وَإِنْ تَقَارَبَتْ فَالْعِبْرَةُ بِمَا قُلْنَاهُ.

(وَحَرُمَ غُسْلُ شَهِيدٍ) ، وَلَوْ جُنُبًا أَوْ نَحْوَهُ (وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» وَفِي لَفْظٍ «وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ» بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فَصَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ» فَالْمُرَادُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ دَعَا لَهُمْ كَدُعَائِهِ لِلْمَيِّتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] وَسُمِّيَ شَهِيدًا

ــ

[حاشية الجمل]

الشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ أَيْ، وَلَوْ طَالَتْ جِدًّا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُصَلِّي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَحَيْثُ كَانَتْ صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّعْرَةِ وَغَيْرِهَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْعُدَّةِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ إلَّا أَنَّ بَقِيَّةَ الْبَدَنِ تَابِعٌ لِمَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ فِي الْوُجُودِ حَتَّى يُسْتَتْبَعَ وَالشَّعْرَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ قَالَ وَهَلْ الظُّفْرُ الْيَسِيرُ كَالشَّعْرَةِ أَوْ يُفَرَّقُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَكَلَامُهُمْ إلَى الْفَرْقِ أَمْيَلُ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّ جُزْءَ الظُّفُرِ الْيَسِيرِ كَالشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَوْلُهُ فَخَرَجَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ أَيْ، وَلَوْ احْتِمَالًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَتُسَنُّ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ) وَمِنْهُ مَا يُزَالُ بِحَلْقِ الرَّأْسِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ ابْتِدَاءً مَنْ انْفَصَلَ مِنْهُ، فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الْحَالِقَ يَفْعَلُهُ سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَالسِّقْطُ إلَخْ) مِنْ السُّقُوطِ، وَهُوَ كَمَا عَرَّفَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ الْوَلَدُ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَلَدَ النَّازِلَ بَعْدَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ، وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْكَبِيرِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا وَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبْقُ حَيَاةٍ اهـ. شَرْحُ م ر بَلْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ تَخْطِيطٌ وَلَا غَيْرُهُ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ آدَمِيٌّ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ حَاصِلَ مَا ذَكَرَهُ الْمَاتِنُ بِقَوْلِهِ

وَالسِّقْطُ كَالْكَبِيرِ فِي الْوَفَاةِ ... إنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ

أَوْ خَفِيَتْ وَخَلْقُهُ قَدْ ظَهَرَا ... فَامْنَعْ صَلَاةً وَسِوَاهَا اُعْتُبِرَا

أَوْ اخْتَفَى أَيْضًا فَفِيهِ لَمْ يَجِبْ ... شَيْءٌ وَسَتْرٌ ثُمَّ دَفْنٌ قَدْ نُدِبَ

اهـ. (قَوْلُهُ بِصِيَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ، ثُمَّ صَاحَ، ثُمَّ مَاتَ وَانْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا يَكُونُ كَكَبِيرٍ وَلَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ قُلْت وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بَلْ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَكَبِيرٍ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ، ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ مَا نَصُّهُ الْوَلَدُ إذَا انْفَصَلَ بَعْضُهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُنْفَصِلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا صَاحَ وَاسْتَهَلَّ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ وَالثَّانِيَةُ إذَا جَزَّ جَانٍ رَقَبَتَهُ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ اهـ بِحُرُوفِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ كَاخْتِلَاجٍ أَوْ تَحَرُّكٍ) الِاخْتِلَاجُ تَحَرُّكُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ وَالتَّحَرُّكُ أَعَمُّ مِنْ تَحَرُّكِ عُضْوٍ أَوْ تَحَرُّكِ الْجُمْلَةِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الِاخْتِلَاجِ اهـ. شَيْخُنَا وَانْظُرْ لِمَ كَانَ الِاخْتِلَاجُ وَالتَّحَرُّكُ مِنْ قَبِيلِ الْأَمَارَةِ الْمُفِيدَةِ لِلظَّنِّ وَكَانَ الصِّيَاحُ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ حَرِّرْ (قَوْلُهُ إنْ ظَهَرَ خَلْقُهُ) أَيْ، وَلَوْ لِلْقَوَابِلِ فَقَطْ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي وُجُوبِ التَّجْهِيزِ بِلَا صَلَاةٍ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَسُنَّ السَّتْرُ وَالدَّفْنُ فِي الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَعَبَّرَ عَنْهُ أَيْ عَنْ مَا ذُكِرَ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ) أَيْ، وَلَوْ فِي دُونِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ ظُهُورِهِ أَيْ، وَلَوْ مَعَ بُلُوغِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا عَلِمْت فِي النَّازِلِ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ السِّتَّةِ وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ بَعْدَهَا مَيِّتًا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبْقُ الْحَيَاةِ فَكَالْكَبِيرِ وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا عَلِمْت لَا يُسَمَّى سِقْطًا خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ إلَخْ) وَكَانُوا سِتَّةً وَسَبْعِينَ أَيْ وَأَمَّا مَنْ اُسْتُشْهِدَ قَبْلَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَأَهْلِ بَدْرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِمْ عَنْهُ غُسْلٌ وَلَا عَدَمُهُ وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَتَعَبَّدُونَ بِأَمْرِهِمْ وَأَمَّا أُحُدٌ فَلِشِدَّةِ مَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا بَاشَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَقَلَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ وَاسْتِغْنَاؤُهُمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ اهـ.

وَهُوَ الْأَوْضَحُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ مُعَلَّلٌ بِبَقَاءِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ بِالِاسْتِغْنَاءِ إلَخْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي حُرْمَةِ غُسْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>