لِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ الْجَنَّةَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (مِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٍ) الصَّادِقُ بِمَنْ مَاتَ، وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا (قَبْلَ انْقِضَاءِ حَرْبِ كَافِرٍ بِسَبَبِهَا) أَيْ الْحَرْبِ كَأَنْ قَتَلَهُ كَافِرٌ أَوْ أَصَابَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
الشَّهِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حِكْمَةَ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَشْمَلُ الشَّهِيدَ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ دَمٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا يَلْزَمُ إطْرَادُهَا وَحَيْثُ كَانَتْ الْحِكْمَةُ مَا ذُكِرَ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ إنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلُ مِنْ الشُّهَدَاءِ مَعَ أَنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَتَّى يُجَابَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ فَضِيلَةٌ تُنَالُ بِالِاكْتِسَابِ فَرَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ مُكْتَسَبَةٌ تُعْلَمُ بِأَثَرِهَا وَلِهَذَا فَارَقَ الْأَنْبِيَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ التَّرْكَ عَلَامَةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ فَضْلَهُ إلَّا بِعَدَمِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ فَضْلَهُمْ مَعْلُومٌ قَبْلَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ فَلَوْ غَسَّلْنَاهُ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِمْ لَسَاوَى غَيْرَهُ وَهَذَا أَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) أَيْ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ مَشْهُودٍ لَهُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ أَيْ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ الْجَنَّةَ) أَيْ عِنْدَ مَوْتِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ أَوْ؛ لِأَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْجَنَّةِ أَوْ؛ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ تَشْهَدُ قَبْضَ رُوحِهِ أَوْ؛ لِأَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ بِقَتْلِهِ حِينَ يُبْعَثُ، وَهُوَ يَسْأَلُ أَوْ؛ لِأَنَّ رُوحَهُ تَشْهَدُ دَارَ السَّلَامِ وَرُوحُ غَيْرِهِ لَا تَشْهَدُهَا إلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَكَأَنَّ رُوحَهُ شَاهِدَةٌ أَيْ حَاضِرَةٌ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنْ الْكَرَامَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْأَمَانِ مِنْ النَّارِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِكَوْنِهِ شَهِيدًا وَبَعْضُ هَذِهِ يَخْتَصُّ بِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَبَعْضُهَا يَعُمُّ غَيْرَهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ مَعَ امْرَأَةٍ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَمَاتَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ هَلْ يَكُونُ شَهِيدًا أَمْ لَا فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ أَنَّهُ بِصَدَدِهِ، وَلَوْ بِخِدْمَةٍ لِلْغُزَاةِ أَوْ نَحْوِهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ) ظَرْفٌ لِلْمَنْفِيِّ وَقَوْلُهُ بِسَبَبِهَا مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ اهـ. شَيْخُنَا وَيَصِحُّ أَيْضًا تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ بِالنَّفْيِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. (قَوْلُهُ حَرْبِ كَافِرٍ) أَيْ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا قَصَدَ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْنَا وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا غِيلَةً فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ شَهِيدًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ بِسَبَبِهَا) أَيْ الْحَرْبِ وَمِنْهُ مَا قِيلَ إنَّ الْكُفَّارَ يَتَّخِذُونَ خَدِيعَةً يَتَوَصَّلُونَ بِهَا إلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَّخِذُونَ سِرْدَابًا تَحْتَ الْأَرْضِ يَمْلُؤُونَهُ بِالْبَارُودِ فَإِذَا مَرَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَطْلَقُوا النَّارَ فِيهِ فَخَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّهَا أَوْ أَهْلَكَتْ الْمُسْلِمِينَ.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ لَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ عَاصِيًا بِالْخُرُوجِ فَفِيهِ نَظَرٌ عِنْدِي قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَهِيدٌ مَا لَوْ كَانَ فَارًّا حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَهِيدٍ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ لَكِنَّهُ شَهِيدٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي جَوَابِ الْمَسَائِلِ الْحَلَبِيَّةِ فَلْيُنْظَرْ. اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ
(فَرْعٌ) قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعُبَابِ لَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَقَاتَلَ مُسْلِمًا فَقَتَلَهُ فَهُوَ شَهِيدٌ قَطْعًا، وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ مُسْلِمًا فِي حَالِ الْقِتَالِ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَانَ أَهْلُ الْعَدْلِ بِكُفَّارٍ قَتَلُوا وَاحِدًا مِنْ الْبُغَاةِ حَالَ الْحَرْبِ فَهَلْ يَكُونُ شَهِيدًا فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ شَهِيدٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ التَّصْرِيحُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ أَيْ الْحَاوِي مَا لَوْ اسْتَعَانَ الْحَرْبِيُّونَ عَلَيْنَا بِبُغَاتِنَا فَقَتَلَ وَاحِدٌ مِنْ الْبُغَاةِ وَاحِدًا مِنَّا عَامِدًا؛ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْقَاتِلِ نَفْسِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ مَنْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً أَوْ عَادَ إلَيْهِ سِلَاحُهُ أَوْ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّتُهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ اهـ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ بِالْكُفَّارِ، ثُمَّ إنَّ وَاحِدًا مِنْ الْبُغَاةِ قَتَلَ وَاحِدًا مِنَّا فَهَلْ يَكُونُ شَهِيدًا نَظَرًا لِاسْتِعَانَتِهِمْ بِكُفَّارٍ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ نَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَرْحِ الْغَايَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ التَّصْرِيحَ بِمَا قُلْنَاهُ وَزِيَادَةَ مَا لَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُفَّارِ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَهِيدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ.
وَعِبَارَتُهُ، وَلَوْ اسْتَعَانَ الْكُفَّارُ عَلَيْنَا بِمُسْلِمِينَ فَمَقْتُولُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ شَهِيدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا قِتَالُ كُفَّارٍ وَلَا نَظَرَ إلَى خُصُوصِ الْقَاتِلِ أَوْ اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ عَلَيْنَا بِكُفَّارٍ فَمَقْتُولُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ شَهِيدٌ دُونَ مَقْتُولِ الْبُغَاةِ نَقَلَهُ فِي