سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً أَوْ عَادَ إلَيْهِ سِلَاحُهُ أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّتُهُ أَوْ سَقَطَ عَنْهَا أَوْ تَرَدَّى حَالَ قِتَالِهِ فِي بِئْرٍ أَوْ انْكَشَفَ عَنْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ قَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَثَرُ دَمٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِجِرَاحَةٍ فِيهِ وَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ مِنْهَا أَوْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا لَا بِسَبَبِ حَرْبِ الْكَافِرِ كَأَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً أَوْ فِي قِتَالِ بُغَاةٍ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ وَيُعْتَبَرُ فِي قِتَالِ الْكَافِرِ كَوْنُهُ مُبَاحًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا الشَّهِيدُ الْعَارِي عَمَّا ذُكِرَ كَالْغَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَالْمَطْعُونِ وَالْمَيِّتِ عِشْقًا
ــ
[حاشية الجمل]
الْخَادِمِ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ مُقَاتَلَةَ الْمُسْلِمِ فِي تِلْكَ تَبَعٌ فَكَانَ قَتْلُهُ مُوجِبًا لِلشَّهَادَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْمَقْتُولِ هَلْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَهِيدٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً) أَيْ لَمْ يَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى قِتَالِنَا وَإِلَّا فَعَمْدُهُ كَخَطَئِهِ فَيَكُونُ مَقْتُولُهُ شَهِيدًا اهـ. قَلْيُوبِيٌّ وَخَضِرٌ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْله أَوْ رَمَحْتُهُ دَابَّته) فِي الْمُخْتَارِ رَمَحَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ وَالْبَغْلُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ مِنْ بَابِ قَطَعَ اهـ. فَالرَّمْحُ بِمَعْنَى الرَّفْسِ بِالسِّينِ فَفِي الْمُخْتَارِ أَيْضًا رَفَسَهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ.
(قَوْلُهُ كَوْنُهُ مُبَاحًا) أَيْ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ قِتَالُ الْكُفَّارِ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مُبَاحًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَقِتَالِ الذِّمِّيِّينَ الَّذِينَ لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَمَّا الشَّهِيدُ) أَيْ الَّذِي يُعْطَى مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ فِي الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ الْعَارِي عَمَّا ذُكِرَ أَيْ عَنْ شَهَادَةِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ عَدَمُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ فَعُلِمَ أَنَّ الشَّهِيدَ قِسْمَانِ شَهِيدُ الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا، وَهُوَ الْعَارِي عَمَّا ذُكِرَ وَشَهِيدُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ مَنْ فِيهِ مَا ذُكِرَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ تَحْصِيلَ الْكَسْبِ أَوْ الْمُفَاخَرَةَ أَوْ لِيُقَالَ إنَّهُ شُجَاعٌ فَهُوَ شَهِيدُ الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ فَهُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَجَبَ فِيهِ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ كَغَيْرِ الشَّهِيدِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ كَالْغَرِيقِ) أَيْ وَكَالْمَقْتُولِ فِي الْحَدِّ سَوَاءٌ زِيدَ عَلَى الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ نَفْسَهُ لِلِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ أَمْ لَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا كَالْغَرِيقِ) أَيْ وَإِنْ عَصَى بِرُكُوبِ الْبَحْرِ أَوْ بِغُرْبَتِهِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُمَا بِالْإِبَاحَةِ اهـ. حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَكَذَا مَشَى عَلَيْهِ م ر لَكِنْ اسْتَثْنَى مَا لَوْ عَلِمَ تَرَتُّبَ الْفَرْقِ عَلَى رُكُوبِ الْبَحْرِ وَتَعَمَّدَ رُكُوبَهُ اهـ حَجّ وَذَكَرَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمَبْطُونُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كُلُّ مَنْ مَاتَ بِدَاءٍ بِبَاطِنِهِ حَتَّى يَشْمَلَ الْمَيِّتَ بِالْإِسْهَالِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّ الْمَيِّتَ بِالِاسْتِسْقَاءِ شَهِيدٌ وَكَذَا الْحَامِلُ بَعْدَ تَخَلُّقِ الْحَمْلِ قِيلَ وَعَدَ فِي الْكِفَايَةِ فِي الشُّهَدَاءِ مَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ أَرَ فِي مُخْتَصَرِهَا إلَّا الْأَوَّلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ مَاتَ مَحْمُومًا وَفِي الدَّمِيرِيِّ اللَّدِيغُ وَطَالِبُ الْعِلْمِ إذَا مَاتَ عَلَى طَلَبِهِ اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ لحج اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمَطْعُونُ) أَيْ الْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ وَكَذَا الْمَيِّتُ فِي زَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يُطْعَنْ اهـ. حَجّ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَوْعِ الْمَطْعُونِينَ كَأَنْ كَانَ الطَّعْنُ فِي الْأَطْفَالِ أَوْ الْأَرِقَّاءِ، وَهُوَ مِنْ غَيْرِهِمْ اهـ. ع ش عَلَى م ر أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا وَيَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا بِلَا حَاجَةٍ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يُكْرَهُ الْفِرَارُ مِنْ غَيْرِ الطَّاعُونِ نَحْوِ حَائِطٍ مَائِلٍ وَهِدْفَةٍ وَحَجَرٍ وَحَرِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِمَّا جُرِّبَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ الدَّارَ أَنْ يُكْتَبَ فِي وَرَقَةٍ وَتُلْصَقَ بِبَابِهَا حَيٌّ صَمَدٌ بَاقٍ وَلَهُ كَنَفٌ وَاقِي الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ أَوْ الْبَاقِي الْخَلَّاقُ، وَلَوْ عَلَى الْبَابِ نَفْسِهِ وَمِمَّا جُرِّبَ لِلسَّلَامَةِ مِنْهُ أَنْ يَدْهُنَ مَحَلَّ الطَّعْنِ بِالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمَيِّتُ عِشْقًا) أَيْ بِشَرْطِ الْعِفَّةِ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِحَيْثُ لَوْ اخْتَلَى بِمَحْبُوبِهِ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فَاحِشَةٌ وَبِشَرْطِ الْكِتْمَانِ حَتَّى عَنْ مَحْبُوبِهِ وَإِنْ كَانَ يُسَنُّ إعْلَامُهُ بِأَنَّهُ يُحِبُّهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ أَعْلَمَهُ فَاتَتْهُ رُتْبَةُ الشَّهَادَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَالْمَيِّتُ عِشْقًا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِشْقِ مَنْ يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ شَرْعًا أَوْ لَا كَالْأَمْرَدِ حَيْثُ عَفَّ وَكَتَمَ إذْ الْمَحَبَّةُ لَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهَا وَقَدْ يَكُونُ الصَّبْرُ عَلَى الثَّانِي أَشَدَّ إذْ لَا وَسِيلَةَ لَهُ لِقَضَاءِ وَطَرِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ حَيْثُ عَفَّ هَلْ الْمُرَادُ عَنْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ مِنْ نَحْوِ نَظَرٍ بِشَهْوَةٍ أَوْ الْمُرَادُ عَنْ الْوَطْءِ يُحَرَّرُ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَالْمَيِّتُ عِشْقًا أَيْ، وَلَوْ لِمَنْ يَحْرُمُ عِشْقُهُ كَالْمُرَّادِ بِشَرْطِ الْعِفَّةِ وَالْكِتْمَانِ عَمَّا يَحْرُمُ، وَلَوْ بِنَظَرٍ سَوَاءٌ كَانَ عِشْقُهُ ضَرُورِيًّا أَوْ اخْتِيَارِيًّا وَفِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ عَشِقَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً عِشْقًا يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِ إنْ لَمْ يُقَبِّلْهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ تَقْبِيلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ الْأَمْرَدُ كَذَلِكَ فَأَجَابَ نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ تَقْبِيلُهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهَا إبْقَاءً لِمُهْجَتِهِ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ إسَاغَتُهَا بِخَمْرٍ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَكَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ انْتَهَى بِهِ الْعَطَشُ إلَى الْهَلَاكِ شُرْبُهَا حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ.
وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَجْمَعُوا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute