للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) أَنْ (يَسِلْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْخِطْمِيَّ الصَّحَابِيَّ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ الْحَرْثِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ وَقَالَ هَذَا مِنْ السُّنَّةِ» وَلِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» .

(وَ) أَنْ (يُدْخِلَهُ) الْقَبْرَ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (دَرَجَةً) فَلَا يُدْخِلُهُ، وَلَوْ أُنْثَى إلَّا الرِّجَالُ مَتَى وُجِدَ وَالضَّعْفُ غَيْرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَاسْمُهَا أُمُّ كُلْثُومٍ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا وَلِلْخَبَرِ أَنَّهَا رُقَيَّةُ وَرَدَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَ رُقَيَّةَ وَلَا دَفْنَهَا أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِبَدْرٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ لَهَا مَحَارِمُ مِنْ النِّسَاءِ كَفَاطِمَةَ نَعَمْ وَيُسَنُّ لَهُنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَنَّهُ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ لَكِنْ مَعَ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ فَهُمَا مُجَازَانِ أَحَدُهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْآخَرِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ) أَيْ يُخْرَجُ مِنْ النَّعْشِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ وَفِي الْمُخْتَارِ سَلَّ الشَّيْءَ مِنْ بَابِ رَدَّ وَسَلَّ السَّيْفَ وَأَسَلَّهُ بِمَعْنَى وَانْسَلَّ مِنْ بَيْنِهِمْ وَخَرَجَ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ سَلَلْت الشَّيْءَ أَخَذْته وَمِنْهُ قِيلَ يُسَلُّ الْمَيِّتُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ إلَى الْقَبْرِ أَيْ يُؤْخَذُ اهـ. وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ إنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» أَيْ أُخِذَ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أُخْرِجَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْهُ إذْ ذَاكَ (قَوْلُهُ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُوضَعُ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ مِنْ جِهَةِ رِجْلِ الْقَبْرِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْوَضْعِ. اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا الْوَضْعُ كَذَلِكَ فَلِمَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَأَمَّا السَّلُّ فَلِمَا صَحَّ أَنَّهُ فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَتْ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ) هُوَ أَبُو مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مِنْ الزِّيَادَةِ. الْخِطْمِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ نِسْبَةً لِبَنِي خَطْمٍ بَطْنٌ مِنْ الْأَنْصَارِ الصَّحَابِيُّ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَهُوَ صَغِيرٌ وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ صَلَاةً وَكَانَ لَا يَصُومُ إلَّا عَاشُورَاءَ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْهُ ابْنُهُ مُوسَى وَغَيْرُهُ وَوُلِّيَ إمَارَةَ مَكَّةَ وَاسْتَمَرَّ مُقِيمًا بِهَا، ثُمَّ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَابْتَنَى بِهَا دَارًا الْمُتَوَفَّى فِي زَمَنِ الزُّبَيْرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يُدْخِلَهُ الْأَحَقُّ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا اهـ. م ر وحج أَيْ فَلَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُمْ كَانَ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ كَالْأَذْرَعِيِّ وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَةً) بِخِلَافِ صِفَةً فَالْأَفْقَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسَنِّ كَمَا فِي الْغُسْلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا الرِّجَالَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ قُوَّةٌ اهـ. ع ش عَلَى م رُ (قَوْلُهُ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ الزَّوْجَ فِي الْأُنْثَى أَحَقُّ مِنْ الْمَحَارِمِ فَضْلًا عَنْ الْأَجَانِبِ فَيُشْكِلُ تَقْدِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا طَلْحَةَ، وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مَفْضُولٌ عَلَى عُثْمَانَ مَعَ أَنَّهُ الزَّوْجُ الْأَفْضَلُ وَالْعُذْرُ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى رَأْيٍ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ وَطِئَ سُرِّيَّةً لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ دُونَ أَبِي طَلْحَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ لَكِنْ يُسَهِّلُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُثْمَانَ لِفَرْطِ الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ لَمْ يَثِقْ فِي نَفْسِهِ بِإِحْكَامِ الدَّفْنِ فَأَذِنَهُ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ فَقَدَّمَ أَبَا طَلْحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَخَصَّهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَارِفْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْأَجَانِبَ الْمُسْتَوِينَ فِي الصِّفَاتِ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ مُذَكِّرٍ سَيُحَصِّلُ لَهُ لَوْ مَاسَّ الْمَرْأَةَ اهـ. حَجّ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُجَامِعَ لَيْلَتَهَا لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْمَيْلِ إلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْغَرَضُ ثَمَّ كَسْرُ الشَّهْوَةِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْجِمَاعِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ أَبْعَدَ عَنْ تَذَكُّرِ النِّسَاءِ وَبُعْدُ الْعَهْدِ بِهِنَّ أَقْوَى فِي عَدَمِ التَّذَكُّرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ إنَّهَا رُقَيَّةُ) هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ رُقَيَّةُ بِضَمِّ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وُلِدَتْ سَنَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ مَوْلِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ تَحْتَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ فَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١] أَمَرَهُ أَبُوهُ أَنْ يُفَارِقَهَا فَفَارَقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَتَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَكَّةَ وَهَاجَرَ بِهَا الْهِجْرَتَيْنِ وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَلَمَّا عُزِّيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ دَفْنُ الْبَنَاتِ مِنْ الْمَكْرُمَاتِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ إنَّمَا أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ بِالنُّزُولِ لِفَقْدِ مَحَارِمِهَا اهـ. إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ كَفَاطِمَةَ) هِيَ أُمُّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَكَانَتْ أَصْغَرَ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّحِيحِ الْمُتَوَفَّاةُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَغَسَّلَهَا عَلِيٌّ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا وَقِيلَ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ وَأَوْصَتْ أَنْ تُدْفَنَ لَيْلًا فَفُعِلَ بِهَا ذَلِكَ وَنَزَلَ قَبْرَهَا عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَابْنُهُ الْفَضْلِ وَسُمِّيَتْ فَاطِمَةُ لِفَطْمِ مَنْ يُحِبُّهَا عَنْ النَّارِ وَتَقَدَّمَ سَبَبُ تَلْقِيبِهَا بِالزَّهْرَاءِ فِي بَابِ الْحَيْضِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ وَيُسَنُّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَهُ اهـ. شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ النِّسَاءَ، وَلَوْ أَجْنَبِيَّاتٍ يُقَدَّمْنَ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى الرِّجَالِ الْمَحَارِمِ مَعَ اسْتِوَائِهِمْ نَظَرًا وَغَيْرَهُ وَانْفِرَادُ الْمَحَارِمِ بِزِيَادَةِ الْقُوَّةِ فَلْيُحَرَّرْ وَجْهُ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ وَجْهُ ذَلِكَ وُجُودُ الشَّهْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>