للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلَهُ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْفِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي مَجْمُوعِهِ خَيَّرَ فَقَالَ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَمَةِ اللَّهِ وَيَقِفُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ، وَلَوْ مُرَاهِقًا وَلَا مَجْنُونٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ افْتِتَانِهِمَا وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُسْأَلُونَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ يُسْأَلُ عَنْ النَّبِيِّ فَكَيْفَ يُسْأَلُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ أَيْ فَلَا يُسْأَلُ وَأَفَادَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الشُّهَدَاءِ يُسْأَلُ.

وَعِبَارَةُ ز ي وَالسُّؤَالُ فِي الْقَبْرِ عَامٌّ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ، وَلَوْ شَهِيدًا إلَّا شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ سُؤَالِ الشُّهَدَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ لَا يُسْأَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْفِتْنَةِ فِي الْقَبْرِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَقَوْلُهُ فِي الْقَبْرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُورِ وَغَيْرِهِ فَشَمَلَ الْغَرِيقَ وَالْحَرِيقَ وَإِنْ مُحِقَ وَذُرِيَ فِي الْهَوَاءِ وَمَنْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ وَقَوْلُهُ لَا يُسْأَلُونَ أَيْ فَلَا يُلَقَّنُونَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّهُ يُدْعَى لَهُمْ بِمَا يُدْعَى بِهِ لِغَيْرِهِمْ أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ مَطْلُوبٌ لِزِيَادَةِ الدَّرَجَةِ فَطَلَبُ الدُّعَاءِ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّلْقِينِ تَذْكِيرُهُمْ بِمَا يُجِيبُونَ بِهِ السَّائِلَ لَهُمْ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُمْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ)

سُؤَالُ الْقَبْرِ بِاللُّغَةِ الْفَارِسِيَّةِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ

وَمِنْ عَجِيبِ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ ... أَنَّ سُؤَالَ الْقَبْرِ بِالسُّرْيَانِيِّ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَالْمُنَافِقِ وَالْكَافِرِ أَمْ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْمُنَافِقِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُسْأَلُ وَإِنَّمَا السُّؤَالُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ، فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لِأُمَّةٍ مِنْ الْأُمَمِ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لِمَنْ نُسِبَ إلَيْهَا حَقِيقَةً أَوْ ادِّعَاءً بِخِلَافِ الْكَافِرِ الصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا فَلَا يُسْأَلُ وَقِيلَ إنَّهُ عَامٌّ فِي الْأُمَمِ كُلِّهَا وَقِيلَ بِالْوَقْفِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ يُسْأَلُ يَرَى أَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ وَفِي الْحَدِيثِ «يُفْتَتَنُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُفْتَتَنُ سَبْعًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيُفْتَتَنُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَهَلْ السُّؤَالُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ أَمْ بِالسُّرْيَانِيِّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ بِالْعَرَبِيِّ قَالَ شَيْخُنَا: وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ طَرِيفٍ قَالَ مَاتَ أَخِي فَلَمَّا أُلْحِدَ وَانْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ وَضَعْت رَأْسِي عَلَى قَبْرِهِ فَسَمِعْت صَوْتًا ضَعِيفًا أَعْرِفُ أَنَّهُ صَوْتُ أَخِي، وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ مَا دِينُك قَالَ الْإِسْلَامُ وَمِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ مَاتَ رَجُلٌ وَكَانَ لَهُ أَخٌ ضَعِيفُ الْبَصَرِ قَالَ أَخُوهُ فَدَفَنَّاهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ وَضَعَتْ رَأْسِي عَلَى الْقَبْرِ فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ مِنْ دَاخِلِ الْقَبْرِ يَقُولُ مَنْ رَبُّك وَمَا دِينُك وَمَنْ نَبِيُّك فَسَمِعْت صَوْتَ أَخِي، وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِكَوْنِهِ غَرِيبًا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَيُحْتَمَلُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ خِطَابُ كُلِّ أَحَدٍ بِلِسَانِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا، وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ «فَيُجْلِسَانِهِ فَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتْ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَالزَّكَاةُ عَنْ يَمِينِهِ وَالصَّوْمُ عَنْ شِمَالِهِ وَفِعْلُ الْمَعْرُوفِ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَيَجْلِسُ وَيَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَقَدْ مَثُلَتْ لَهُ الشَّمْسُ عِنْدَ الْغُرُوبِ فَيَقُولُ دَعُونِي أُصَلِّي» وَكَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ لَمَّا مَاتَ رَآهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك قَالَ لَمَّا جَاءَنِي الْمَلَكَانِ حَسِبْت أَنِّي انْتَبَهْت مِنْ اللَّيْلِ فَذَكَرْت اللَّهَ تَعَالَى عَلَى الْعَادَةِ وَأَرَدْت أَنْ أَقُومَ أَتَوَضَّأَ فَقَالَا لِي أَيْنَ تُرِيدُ فَقُلْت أَقُومُ أَتَوَضَّأُ فَقَالَا نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْك وَلَا بَأْسٌ اهـ.

وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَلَكَيْنِ يَأْتِيَانِ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْكَافِرُ يَخَافُهُمَا وَيَتَحَيَّرُ فِي الْجَوَابِ وَالْمُؤْمِنُ يُثَبِّتُهُ اللَّهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فَلَا يَخَافُ اهـ. وَبِهَامِشِهِ بِخَطِّ الْعَجَمِيِّ وَلِلسُّيُوطِيِّ فِي شَرْحِ الصُّدُورِ، الثَّالِثَةُ أَنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْمَيِّتَ يُسْأَلُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ سَاكِتَةٌ عَنْ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ عَلَيْهِ أَوْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَشْخَاصِ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ) كَأَنْ يَقُولُوا اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ فَلَوْ أَتَوْا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالذِّكْرِ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يَكُونُوا آتِينَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ ثَوَابٌ عَلَى ذِكْرِهِمْ وَبَقِيَ إتْيَانُهُمْ بِهِ بَعْدَ سُؤَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>