للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَظَرًا لِعُرْفِ الْعَرَبِ حَيْثُ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إذَا سَلَّمُوا عَلَى قَبْرٍ يَقُولُونَ عَلَيْك السَّلَامُ (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ) مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَيَسَّرَ (وَيَدْعُوَ) لَهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ، وَهُوَ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ (وَ) أَنْ (يَقْرُبَ) مِنْ قَبْرِهِ (كَقُرْبِهِ مِنْهُ) فِي زِيَارَتِهِ (حَيًّا) احْتِرَامًا لَهُ.

(وَحَرُمَ نَقْلُهُ) قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ (إلَى) مَحَلٍّ (أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ) لِيُدْفَنَ فِيهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ (إلَّا مَنْ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

النَّخِرَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الدُّنْيَا وَهِيَ بِك مُؤْمِنَةٌ أَنْزِلْ عَلَيْهَا رَحْمَةً مِنْك وَسَلَامًا مِنِّي اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَنَخَرَ الْعَظْمُ نَخَرًا مِنْ بَابِ تَعِبَ بَلِيَ وَتَفَتَّتَ فَهُوَ نَاخِرٌ وَنَخِرٌ اهـ. (قَوْلُهُ فَنَظَرًا لِعُرْفِ الْعَرَبِ) أَيْ، وَهُوَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقْرَأَ إلَخْ) وَالْأَجْرُ لَهُ وَلِلْمَيِّتِ وَإِنْ يُهْدِ ثَوَابَ ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ أَوْ يَنْوِهِ بِالْقِرَاءَةِ فَيَكْتَفِي فِي حُصُولِ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَ قَبْرِهِ وَكَأَنَّ الْمَيِّتَ هُوَ الْقَارِئُ وَيُثَابُ الْقَارِئُ أَيْضًا فَقَدْ نَصَّ إمَامُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَيِّتِ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَكَأَنَّهُ الْمُتَصَدِّقُ بِذَلِكَ قَالَ وَفِي وَاسِعِ فَضْلِ اللَّهِ أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ اهـ. ح ل وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَنْفَعُ الْمَيِّتَ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ إمَّا حُضُورُهُ عِنْدَهُ أَوْ قَصْدُهُ لَهُ، وَلَوْ مَعَ بُعْدٍ أَوْ دُعَاؤُهُ لَهُ، وَلَوْ مَعَ بُعْدٍ أَيْضًا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مَا تَيَسَّرَ) أَيْ وَيُهْدِي ثَوَابَهُ لِلْمَيِّتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَهْلِ الْجَبَّانَةِ

(فَائِدَةٌ) وَرَدَ عَنْ السَّلَفِ أَنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَأَهْدَى ثَوَابَهَا لِجَبَّانَةٍ غُفِرَ لَهُ ذُنُوبٌ بِعَدَدِ الْمَوْتَى فِيهَا وَرَوَى السَّلَفُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ حَالَ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَكَوْنُهُ وَاقِفًا أَفْضَلُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَقُرْبِهِ مِنْهُ حَيًّا) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَسَمِعَهُ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ إطْلَاقُهُمْ سَنَّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ مَعَ أَنَّ صَوْتَ الْمُسَلِّمِ لَا يَصِلُ إلَى جُمْلَتِهِمْ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً اهـ. ع ش عَلَى م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ كَقُرْبِهِ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ عَادَتِهِ مَعَهُ بِالْفِعْلِ لَا بِاعْتِبَارِ مَقَامِ الْمَيِّتِ وَمِقْدَارِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا بِحَيْثُ يَقْتَضِي مِقْدَارُهُ الْبُعْدَ عَنْهُ جِدًّا لَكِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ مَعَ الزَّائِرِ التَّنَزُّلُ وَالتَّبَرُّكُ وَالتَّوَاضُعُ وَتَقْرِيبُهُ وَقَفَ عِنْدَ زِيَارَتِهِ عَلَى عَادَتِهِ مَعَهُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي كَانَ يَقْرَبُ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَظَمَةُ الْمَيِّتِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ، فَإِنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ التَّجَبُّرِ وَالظُّلْمِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ لَمْ يُحْتَرَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُطْلَبْ الْإِبْعَادُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ خَيْرٍ وَعَدْلٍ اُحْتُرِمَ وَطُلِبَ الْإِبْعَادُ بِحَسَبِ الْحَالِ اهـ. م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ مَعَهُ الْبُعْدَ وَقَدْ أَوْصَى بِالْقُرْبِ مِنْهُ قَرُبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ احْتِرَامًا لَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ احْتِرَامُهُ حَيًّا لِأَجْلِ عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ احْتِرَامُهُ حَيًّا لِكَوْنِهِ جَبَّارًا كَالْوُلَاةِ الظَّلَمَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ اهـ. ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا كَرَاهَةُ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ زُوَّارِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ دَقِّهِمْ التَّوَابِيتَ وَتَعَلُّقِهِمْ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِمْ التَّأَدُّبُ فِي زِيَارَتِهِمْ وَعَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُمْ وَالْبُعْدُ عَنْهُمْ قَدْرَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زِيَارَتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِكْرَامًا قَالَ حَجّ وَالْتِزَامُ الْقَبْرِ أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ تَابُوتٍ، وَلَوْ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوِ يَدِهِ وَتَقْبِيلُهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ قَبِيحَةٌ اهـ. - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ نَقْلُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أُمِنَ التَّغَيُّرُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ دَفْنِهِ الْمَأْمُورِ بِتَعْجِيلِهِ وَتَعْرِيضِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ إنْ دُفِنَ أَهْلِ أنبابة مَوْتَاهُمْ فِي الْقَرَافَةِ لَيْسَ مِنْ النَّقْلِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ الْقَرَافَةَ صَارَتْ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ أنبابة فَالنَّقْلُ إلَيْهَا لَيْسَ نَقْلًا عَنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ، وَهُوَ أنبابة اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ اعْتَادَ الدَّفْنَ فِيهَا أَوْ فِي أنبابة فِيمَا يَظْهَرُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ مَقَابِرُ مُتَعَدِّدَةٌ كَبَابِ النَّصْرِ وَالْقَرَافَةِ وَالْأَزْبَكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مِصْرَ فَلَهُ الدَّفْنُ فِي أَيُّهَا شَاءَ؛ لِأَنَّهَا مَقْبَرَةُ بَلَدِهِ بَلْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا بِقُرْبِ أَحَدِهَا جِدًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ) وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَظِمُ مِنْ كَلَامِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ وَهِيَ نَقْلُهُ مِنْ بَلَدٍ لِبَلَدٍ أَوْ صَحْرَاءَ أَوْ مِنْ صَحْرَاءَ لِصَحْرَاءَ أَوْ بَلَدٍ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ إلَّا مَنْ بِقُرْبِ مَكَّةَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِهِ وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ لَا نَفْسُ الْبَلَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ بَلْ لَوْ كَانَ بِقُرْبِ مَقَابِرِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ، وَلَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ قَرُبَ وَأَمِنَ التَّغَيُّرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ فَيَحْرُمُ تَنْفِيذُهَا وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ جَوَازَهُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ دَفْنِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ وَوَافَقَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>