للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَتَعْبِيرِي بِأَهْلِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَقَارِبِهِ (وَزِيَارَةُ قُبُورٍ) أَيْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لِرَجُلٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» أَمَّا زِيَارَةُ قُبُورِ الْكُفَّارِ فَمُبَاحَةٌ وَقِيلَ مُحَرَّمَةٌ (وَلِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الرَّجُلِ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى (مَكْرُوهَةٌ) لِقِلَّةِ صَبْرِ الْأُنْثَى وَكَثْرَةِ جَزَعِهَا وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا وَذِكْرُ حُكْمِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَهَذَا فِي زِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا زِيَارَةُ قَبْرِهِ فَتُسَنُّ لَهُمَا كَالرَّجُلِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِي الْحَجِّ وَمِثْلُهُ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ (وَأَنْ) (يُسَلِّمَ زَائِرٌ) فَيَقُولَ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ أَبُو دَاوُد «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَيْك السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى»

ــ

[حاشية الجمل]

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَبْرٍ وَاحِدٍ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقَالَ أَتَعَلَّمُ بِهَا) أَيْ اجْعَلْهَا عَلَامَةً عَلَيْهِ أَعْرِفُهُ بِهَا وَقَوْلُهُ قَبْرَ أَخِي أَيْ مِنْ الرَّضَاعِ اهـ. عِ ش عَلَى م ر (تَنْبِيهٌ) يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَسْبُوقَةِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ فِي مَحَلِّ مَوْتِهِ قِيرَاطٌ مِنْ الْأَجْرِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَجَبَلِ أُحُدٍ أَوْ كَجَبَلٍ عَظِيمٍ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ لَا الْمُوَارَاةِ فَقَطْ حَصَلَ لَهُ قِيرَاطٌ آخَرُ مِثْلُهُ وَيَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَعَ الْحُضُورِ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ قَبْلَهَا قِيرَاطٌ فَقَطْ وَلَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْحُضُورِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا قِيرَاطٌ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ حَضَرَ وَلَمْ يَرْتَضِهِ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ بَلْ نُقِلَ أَنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ مَرْجُوعٌ عَنْهَا، وَفِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مُوَافِقَةٌ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةً وَاحِدَةً تَعَدَّدَ الْقِيرَاطُ بِعَدَدِهِمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ: سم وَمَحَلُّهُ إذَا شَيَّعَ كُلًّا مِنْهُمْ إلَى تَمَامِ دَفْنِهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْعَلَّامَةِ ز ي وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ لَا الْغَائِبِ وَالْقَبْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَالْقِيرَاطُ فِي الْأَصْلِ نِصْفُ دَانَقٍ وَالدَّانَقُ سُدُسُ دِرْهَمٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِأَهْلِهِ أَعَمُّ) أَيْ لِشُمُولِهِ الزَّوْجَةَ وَالْأَرِقَّاءَ وَالْعُتَقَاءَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْخَطِيبِ وَالدَّمِيرِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَزِيَارَةُ قُبُورٍ لِرَجُلٍ) وَتَحْصُلُ بِالْحُضُورِ عِنْدَ الْمَيِّتِ اهـ.

شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَمُبَاحَةٌ مُعْتَمَدٌ) .

وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ نَصُّهَا أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَلَا تُنْدَبُ زِيَارَتُهَا وَتَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِقَصْدِ الِاعْتِبَارِ وَتَذَكُّرِ الْمَوْتِ، فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ مُطْلَقًا فَيَسْتَوِي فِيهَا جَمِيعُ الْقُبُورِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ لَكِنْ لَا يُشْرَعُ فِيهَا قَصْدُ قَبْرٍ بِعَيْنِهِ

(فَرْعٌ) اعْتَادَ النَّاسُ زِيَارَةَ الْقُبُورِ صَبِيحَةَ الْجُمُعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْأَرْوَاحَ تَحْضُرُ الْقُبُورَ مِنْ عَصْرِ الْخَمِيسِ إلَى شَمْسِ السَّبْتِ فَخَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ تَحْضُرُ الْأَرْوَاحُ فِيهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حُضُورٌ خَاصٌّ وَإِلَّا فَلِلْأَرْوَاحِ ارْتِبَاطٌ بِالْقُبُورِ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُطْلَبَ الزِّيَارَةُ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَزُورُ الشُّهَدَاءَ بِأُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ» وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ خَصَّهُ لِبُعْدِهِمْ عَنْ الْمَدِينَةِ وَضِيقِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَنْ الْأَعْمَالِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ مِنْ التَّبْكِيرِ وَغَيْرِهِ وَأَظُنُّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ مَكْرُوهَةٌ) وَقِيلَ حَرَامٌ لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِلتَّعْدِيدِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَوْ كَانَ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ وَقِيلَ تُبَاحُ إذَا أُمِنَ الِافْتِتَانُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَتُسَنُّ لَهُمَا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ أَذِنَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ قُبُورُ سَائِرِ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ قَبْرِ أَبَوَيْهَا وَإِخْوَتِهَا وَبَقِيَّةِ أَقَارِبِهَا بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَإِنْ بَحَثَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ الْإِلْحَاقَ اهـ. شَرْحُ م ر وَمَحَلُّ الْإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ أَوْ أَوْلِيَاءَ اهـ.

ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ زَائِرٌ) أَيْ لِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَامِ عَلَيْهَا كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بَلْ أَوْلَى اهـ. شَرْحُ م ر وَالزَّائِرُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يُنْدَبُ لِكُلِّ مَنْ مَرَّ عَلَى الْقَبْرِ السَّلَامُ عَلَى مَنْ فِيهِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَوْقَاتِ الَّتِي اُعْتِيدَتْ الزِّيَارَةُ فِيهَا وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الزَّائِرُ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ الْمَيِّتِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَقَارِبِ خُصُوصًا الْأَبَوَيْنِ، وَلَوْ كَانُوا بِبَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْمُسْلِمِ حَقَّهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِيهِ قُوَّةً بِحَيْثُ يَعْلَمُ الْمُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ثَوَابَ فِيهِ لِلْمَيِّتِ عَلَى الرَّدِّ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ دَارَ قَوْمٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَهُوَ أَفْصَحُ أَوْ النِّدَاءُ وَبِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ كُمْ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَيَكُونُ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ وَيَكُونُ هُنَاكَ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ أَهْلَ دَارٍ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ) ، فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ الْمَشِيئَةِ مَعَ أَنَّ اللُّحُوقَ مَقْطُوعٌ بِهِ.

(قُلْت) أَجَابَ حَجّ بِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ هِيَ لِلُّحُوقِ فِي الْوَفَاةِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لِلُّحُوقِ بِهِمْ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ اهـ. وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ) وَيُسَنُّ لِمَنْ يَزِيدُ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ وَالْعِظَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>