للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً؛ وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ يَتَأَبَّدُ بَعْدَ انْمِحَاقِ الْمَيِّتِ فَلَوْ بُنِيَ فِيهَا هُدِمَ الْبِنَاءُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَنَى فِي مِلْكِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَسُنَّ) (رَشُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ (بِمَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَمَرَ بِهِ فِي قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّفَاؤُلُ بِتَبْرِيدِ الْمَضْجَعِ وَحِفْظِ التُّرَابِ وَيُكْرَهُ رَشُّهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ (وَوَضْعُ حَصًى عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسُنَّ أَيْضًا وَضْعُ الْجَرِيدِ وَالرَّيْحَانِ وَنَحْوهمَا عَلَيْهِ (وَ) وَضْعُ (حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ عِنْدَ رَأْسِهِ وَجَمْعُ أَهْلِهِ بِمَوْضِعٍ) وَاحِدٍ مِنْ الْمَقْبَرَةِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ حَجَرًا أَيْ صَخْرَةً عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ

ــ

[حاشية الجمل]

بِالْقَرَافَةِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ أَصْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

فَإِنْ قُلْت هَذَا لَا يَأْتِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرَافَةَ لَمْ يَقِفْهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ الْبِنَاءِ فِي الْمَوَاتِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا مَوَاتٌ وَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ بَعْدَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالدَّفْنِ فِيهَا فَالِامْتِنَاعُ وَاسْتِحْقَاقُ الْهَدْمِ وَاضِحٌ أَوْ قَبْلَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَوَاتٌ قُلْت بَلْ يَأْتِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْيَا مَكَانَ الْقَبْرِ بِحَيْثُ مَلَكَهُ، ثُمَّ دُفِنَ فِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَدْ فَسَّرَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُسَبَّلَةَ بِالْمُعَدَّةِ لِلدَّفْنِ، وَلَوْ غَيْرَ مَوْقُوفَةٍ وَاعْتَمَدَهُ م ر آخِرًا وَكَتَبَ الشَّيْخُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ بِنَاءٌ عَلَى قَبْرٍ فِي مَقْبَرَةٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِالدَّفْنِ فِيهَا وَشَكَّ هَلْ حَدَثَ بَعْدَ جَرَيَانِ عَادَتِهِمْ بِذَلِكَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَدْمُهُ وَلَا التَّعَرُّضُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ احْتِرَامُهُ وَوَضْعُهُ بِحَقٍّ وَلَعَلَّهُ حَصَلَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ جَرَيَانِ عَادَتِهِمْ بِالدَّفْنِ فِيهَا فَهُوَ مَسْأَلَةُ جَوَازِ الْهَدْمِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَاسْتِحْقَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ الدَّفْنَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَصَيْرُورَتِهَا مَقْبَرَةً لَهُمْ فَيَكُونُ مَوْضُوعًا بِغَيْرِ حَقٍّ نَعَمْ إنْ عُلِمَ حُدُوثُهُ بَعْدَ جَرَيَانِ عَادَتِهِمْ بِمَا ذُكِرَ لَكِنْ شُكَّ هَلْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِهِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ هَدْمُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الِامْتِنَاعُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْمَوْقُوفَةِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِثْلُهَا الْمَوْقُوفَةُ بِالْأَوْلَى انْتَهَتْ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَةَ هِيَ الْمُسَبَّلَةُ وَعَكْسُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُسَبَّلَةِ يُدْخِلُ مَوَاتًا اعْتَادُوا الدَّفْنَ فِيهِ فَهَذَا يُسَمَّى مُسَبَّلًا لَا مَوْقُوفًا فَاتَّضَحَ مَا ذَكَرَهُ. اهـ تُحْفَةٌ. اهـ شَوْبَرِيٌّ فَالْمُسَبَّلَةُ أَعَمُّ.

(قَوْلُهُ وَسُنَّ رَشُّهُ بِمَاءٍ) أَيْ، وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ بِمُدَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَوْجَهُ فِعْلُهُ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مَطَرٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَيَكْفِي عَنْ الرَّشِّ وُقُوعُ مَطَرٍ عَقِبَ الدَّفْنِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ بِالْمَطَرِ؛ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالْفِعْلِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ رَشُّهُ بِمَاءٍ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ وَشَمَلَ ذَلِكَ الْأَطْفَالَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ زَادَ حَجّ مَا لَمْ يَنْزِلْ مَطَرٌ يَكْفِي اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَبَتَ عَلَيْهِ حَشِيشٌ اُكْتُفِيَ بِهِ عَنْ وَضْعِ الْجَرِيدِ الْآتِي قِيَاسًا عَلَى نُزُولِ الْمَطَرِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَاءِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ الْكَافِي لَا مَعْنَى لَهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَمْهِيدِ التُّرَابِ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجَرِيدِ زِيَادَةً عَلَى الْحَشِيشِ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ رَحْمَةٍ لِلْمَيِّتِ بِتَسْبِيحِ الْجَرِيدِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِمَاءٍ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا بَارِدًا، وَلَوْ مِلْحًا وَيَحْرُمُ بِالنَّجَسِ اهـ. شَرْحُ م ر وَالْمُسْتَعْمَلُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَفِي الْإِيعَابِ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ بِالْمُتَنَجِّسِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَوْلِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ أَيْ بِخِلَافِ النَّجَسِ فَيَحْرُمُ كَالْبَوْلِ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ مِنْ الْمُتَنَجِّسِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِتَبْرِيدِ الْمَضْجَعِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمَضْجَعُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ مَوْضِعُ الضُّجُوعِ وَالْجَمْعُ مَضَاجِعُ اهـ. عِ ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ رَشُّهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُم؛ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ إكْرَام الْمَيِّت وَإِقْبَالِ الزُّوَّارِ عَلَيْهِ لِطِيبِ رِيحِ الْبُقْعَةِ بِهِ فَسَقَطَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ، وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ إذَا قُصِدَ حُضُورُ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهَا تُحِبُّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَوَضْعُ حَصًى) أَيْ صِغَارٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْبِرْسِيمُ وَنَحْوُهُ مِنْ جَمِيعِ النَّبَاتَاتِ الرَّطْبَةِ اهـ. عِ ش عَلَى م ر وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ أَخْذُهُ مِنْ عَلَى الْقَبْرِ قَبْلَ يُبْسِهِ، فَإِنْ يَبِسَ جَازَ لِزَوَالِ نَفْعِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ حَالَ رُطُوبَتِهِ، وَهُوَ الِاسْتِغْفَارُ لِلْإِعْرَاضِ عَنْهُ حِينَئِذٍ اهـ. شَرْحُ م ر أَمَّا مَالِكُهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ عَادَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يُعْرَضُ عَنْ مِثْلِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ الْجَرِيدِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ وَضْعِ الشَّمْعِ فِي لَيَالِي الْأَعْيَادِ وَنَحْوهَا عَلَى الْقُبُورِ فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ لِعَدَمِ إعْرَاضِ مَالِكِهِ عَنْهُ وَعَدَمِ رِضَاهُ بِأَخْذِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِحْبَابَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَجَمَعَ أَهْلَهُ) الْمُرَادُ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْعَبْدَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْهُمْ الْأَزْوَاجُ وَالْعُتَقَاءُ وَالْمَحَارِمُ مِنْ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَمِثْلُهُمْ الْأَصْدِقَاءُ وَيُقَدَّمُ الْأَبُ نَدْبًا إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ الْأَسَنُّ فَالْأَسَنُّ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا دُفِنُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ بِمَوْضِعٍ أَيْ سَاحَةٍ مِنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>