«بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ تَأْتِي فِي أَبْوَابٍ (بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ)
بَدَءُوا بِهَا وَبِالْإِبِلِ مِنْهَا لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ الْآتِي؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ (تَجِبُ) أَيْ الزَّكَاةُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمَاشِيَةِ (بِشُرُوطٍ) أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا (كَوْنُهَا نَعَمًا) قَالَ الْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ أَيْ إبِلًا وَبَقَرًا وَغَنَمًا ذُكُورًا كَانَتْ أَوْ إنَاثًا فَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ
ــ
[حاشية الجمل]
اكْتِفَاءً بِالْعَمَلِ فِيهَا بِالْأَصْلِ، وَفِي الزَّكَاةِ عَكْسُ ذَلِكَ فَاعْتَنَى بِبَيَانِ مَا يَجِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ لَا بِبَيَانِ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ اكْتِفَاءً بِأَصْلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَمِنْ ثَمَّ طُولِبَ مَنْ ادَّعَى الزَّكَاةَ فِي نَحْوِ خَيْلٍ وَرَقِيقٍ بِالدَّلِيلِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ» إلَخْ) ، وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ لِهَذَا الْخَبَرِ وَيَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَإِنْ أَتَى بِهَا فِي الزَّكَاةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَالرِّكَازِ وَزَكَاةِ التِّجَارَةِ وَكَوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا وَتُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيُعَرَّفُ بِهَا مَنْ جَهِلَهَا، فَإِنْ جَحَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَرَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ) أَيْ تَتَعَلَّقُ بِأَنْوَاعٍ، وَلَوْ قَالَ أَجْنَاسٌ لَكَانَ أَوْلَى، وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ فِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ حَيَوَانٌ وَنَبَاتٌ وَجَوْهَرٌ وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ خَمْسَةً فَجَعَلَ الْحَيَوَانَ ثَلَاثَةً الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالنَّبَاتُ وَالنَّقْدُ وَبَعْضُهُمْ سِتَّةً النَّعَمُ وَالْمُعَشَّرَاتُ أَيْ مَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ وَالنَّقْدُ وَالتِّجَارَةُ وَالْمَعْدِنُ وَالْفِطْرُ وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً بِجَعْلِ النَّبَاتِ ثَلَاثَةً حَبًّا وَنَخِيلًا وَعِنَبًا وَالنَّقْدُ وَاحِدًا وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً بِجَعْلِ النَّقْدِ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِمْ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَتُدْفَعُ لِثَمَانِيَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ جِنْسٍ وَأَجْنَاسُهَا الْأَصْلِيَّةُ ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ حَيَوَانٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّعَمِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ وَنَبَاتٌ وَاخْتَصَّتْ بِالْمُقْتَاتِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَجَوْهَرٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّقْدِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَيَدْخُلُ فِي النَّبَاتِ التَّمْرُ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ مِنْهُ لِلِاغْتِنَاءِ بِهِمَا عَنْ الْقُوتِ، وَيَدْخُلُ فِي النَّقْدِ التِّجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهَا وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِيهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ وَالْمَعْدِنُ وَالرِّكَازُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ النَّمَاءِ الْمَحْضِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تُدْفَعُ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي آيَةِ إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ إلَى آخِرِ الْآيَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ بَعْضُ الْمَاشِيَةِ وَهِيَ النَّعَمُ مِنْهَا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ أَوْ الْمَعْنَى الزَّكَاةُ الَّتِي فِي الْمَاشِيَةِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا اهـ. شَيْخُنَا وَلَفْظُهَا مُفْرَدٌ وَجَمْعُهَا مَوَاشٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَشْيِهَا، وَهِيَ تَرْعَى وَالْغَنَمُ أَخَصُّ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْمَاشِيَةُ أَخَصُّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا أُمَمٌ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ مُسَاوَاتُهَا لِلْحَيَوَانِ فَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ هُجِرَ فِي الْعُرْفِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بَدَءُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلدَّعْوَتَيْنِ قَبْلَهُ وَعَقَّبَهَا بِالْبَقَرِ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ تَنُوبُ عَنْ الْبَدَنَةِ فِي نَحْوِ الْأُضْحِيَّةَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ) عِلَّةٌ لِلدَّعْوَةِ الْأُولَى وَمَا قَبْلَهُ لِلثَّانِيَةِ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ وَالضَّمِيرُ فِي؛ لِأَنَّهَا لِلْمَاشِيَةِ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى وَتُنْتِجُ الدَّعْوَتَيْنِ (وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ قَبْلَهَا وَالضَّمِيرُ لِلْإِبِلِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَوْنُهَا نَعَمًا) النَّعَمُ اسْمٌ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ وَجَمْعُ أَنْعَامٍ أَنَاعِمُ وَأَفَادَ بِذِكْرِ النَّعَمِ صِحَّةَ تَسْمِيَةِ الثَّلَاثِ نَعَمًا وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَيَجُوزُ تَسْكِينُ بَائِهِ لِلتَّخْفِيفِ وَالْبَقَرُ اسْمُ جِنْسِ الْوَاحِدُ مِنْهُ بَقَرَةٌ وَالْغَنَمُ اسْمُ جِنْسٍ أَيْضًا يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ اهـ. شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا كَانَتْ الْإِبِلُ وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ وَالْبَقَرُ اسْمُ جِنْسٍ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ بِخِلَافِ النَّعَمِ وَالْإِبِلِ، وَفِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ أَنَّ الْكَلِمَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ، وَلَيْسَ جَمْعًا لِعَدَمِ غَلَبَةِ التَّأْنِيثِ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ يَغْلِبُ عَلَيْهِ التَّأْنِيثُ وَلَا اسْمَ جَمْعٍ؛ لِأَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْ لَفْظِهِ، وَهُوَ كَلِمَةٌ بِخِلَافِ اسْمِ الْجَمْعِ، فَإِنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ أَنْ يَكُونَ الْغَنَمُ اسْمَ جَمْعٍ وَفِي الْمُخْتَارِ الْغَنَمُ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِذَا صَغَّرْتهَا أَلْحَقْتَهَا تَاءَ التَّأْنِيثِ فَقُلْت غَنِيمَةً؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ فَالتَّأْنِيثُ لَهَا لَازِمٌ اهـ. وَقَدْ يَشْعُرُ بِأَنَّ قَوْلَهُ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ مُرَادُهُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مَعَ كَوْنِهِ اسْمَ جَمْعٍ عَلَى مَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُ آخِرًا حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ إلَخْ.
اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبَقَرًا) الْبَقَرُ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ بَقَرَةٌ كَالْكَلِمِ لَا يُقَالُ اسْمُ الْجِنْسِ هُوَ الْمَوْضُوعُ لِلْمَاهِيَّةِ فَحَقُّهُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرُ بِخِلَافِ اسْمِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ لَكِنَّ بَعْضَ الْأَجْنَاسِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا فِي الْكَثِيرِ فَهُوَ عَامٌّ وَضْعًا خَاصٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute