وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ نُهِيَ الْمَالِكُ عَنْ التَّفْرِيقِ وَعَنْ الْجَمْعِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُسِنَّةِ وَعَمْرٌو بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَةِ التَّبِيعِ، فَإِنْ أَخَذَ التَّبِيعَ مِنْ زَيْدٍ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَةِ الْمُسِنَّةِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ زَيْدٌ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ قِيمَةِ التَّبِيعِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرُّجُوعِ فِيمَا ذُكِرَ إذْنُ الشَّرِيكِ لِآخَرَ فِي الدَّفْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ السَّابِقِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ الْإِمَامِ مُصَرِّحٌ بِهِ لِإِذْنِ الشَّارِعِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ بِالْخُلْطَةِ صَارَا كَالْمَالِ الْمُنْفَرِدِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْخُلْطَةِ مُسَلَّطَةٌ عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْرِئِ الْمُوجِبِ لِلرُّجُوعِ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَمِنْهُ يُؤَخَّذُ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا تُغْنِي عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ مَنْ أَدَّى حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْخَلِيطِينَ فِي الزَّكَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَالْخَبَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرُّجُوعِ بِغَيْرِ إذْنٍ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ فِي فَتَاوِيه أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَهُمْ كَالْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) ، وَإِنْ ظَلَمَ السَّاعِي أَحَدَهُمَا كَأَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَاةً زَائِدَةً أَوْ كَرِيمَةً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِقِسْطِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِقِسْطِ الْمَأْخُوذِ إذْ الْمَظْلُومُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى ظَالِمِهِ وَيَسْتَرِدُّ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الْمَأْخُوذَ مِنْ الظَّالِمِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا اسْتَرَدَّ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِهِ وَالْفَرْضُ سَاقِطٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَإِنْ أُخِذَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْقِيمَةُ تَقْلِيدًا لِلْحَنَفِيِّ أَوْ كَبِيرَةٌ عَنْ السِّخَالِ تَقْلِيدًا لِلْمَالِكِيِّ سَقَطَ الْفَرْضُ وَرَجَعَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّهُ ظُلْمٌ مَحْضٌ
(فَرْعٌ) قَدْ يَثْبُتُ التَّرَاجُعُ الشَّامِلُ لِلرُّجُوعِ مَجَازًا فِي خُلْطَةِ الِاشْتِرَاكِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَيُعْطَى أَحَدُهُمَا الشَّاةَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَشْرٌ فَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةً تَرَاجَعَا أَيْضًا أَيْ كَمَا فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ، فَإِذَا تَسَاوَيَا فِي الْقِيمَةِ تَقَاصَّا.
وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ، وَمَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ بِأَنْ أَخَذَ الْفَرْضَ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ تَفَاوَتَ قَدْرُ الْمَالِكِينَ كَأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً لِأَحَدِهِمَا فِي عِشْرِينَ مِنْهَا نِصْفُهَا وَفِي الْعِشْرِينَ الْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَقِيمَةُ الشَّاةِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَإِنْ أُخِذَتْ مِنْ الْعِشْرِينَ الْمُرَبَّعَةِ رَجَعَ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ الْأُخْرَى رَجَعَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ الْأَصْلِ التَّرَاجُعُ بِأَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّرَاجُعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ التَّقَاصُّ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَيْ فِيمَا إذَا أَخَذَ مِنْ زَيْدٍ مُسِنَّةً وَمِنْ عُمَرَ تَبِيعًا أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا تَرَاجُعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَيْثُ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ وَلَا بَيِّنَةَ وَتَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهَا صُدِّقَ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْمَالِكِ وَالسَّاعِي اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) أَيْ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتَهَا وَخَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتَهَا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ نَهْيُ الْمَالِكِ عَنْ التَّفْرِيقِ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت هَذَا وَجَدْت أَقْسَامَ النَّهْيِ الْمُشْتَرِكِ فِيهَا الْمَالِكُ وَالسَّاعِي ثَمَانِيَةً فِي حَقِّ كُلِّ أَرْبَعَةٍ وَإِيضَاحُهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ الْأَوَّلُ وَمِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً عَلَى السَّوَاءِ، فَعِنْدَ التَّفْرِيقِ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَعِنْدَ الْجَمْعِ فِيهَا شَاةٌ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْكَثْرَةِ فِي الْجَمْعِ، فَهُوَ الثَّانِي، وَمِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا مِائَتَا شَاةٍ وَشَاتَانِ عَلَى السَّوَاءِ فَعِنْدَ التَّفْرِيقِ فِيهَا شَاتَانِ، وَعِنْدَ الْجَمْعِ فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَإِنْ كَانَ عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ الْكَثِيرَةِ فِي التَّفْرِيقِ فَهُوَ الثَّالِثُ وَمِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اثْنَيْنِ مَثَلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً فَفِي الْجَمْعِ فِيهَا شَاةٌ، وَعِنْدَ التَّفْرِيقِ فِيهَا شَاتَانِ عَلَى كُلِّ شَاةٍ، وَإِنْ كَانَ عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ فِي التَّفْرِيقِ فَهُوَ الرَّابِعُ لَكِنَّهُ مُسْتَحِيلٌ إذْ كَيْفَ تَكُونُ الزَّكَاةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ فِي مَالٍ عِنْدَ جَمْعِهِ وَعِنْدَ التَّفْرِيقِ تَكُونُ وَاجِبَةً هَذِهِ أَقْسَامُ النَّهْيِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ السُّقُوطِ فِي التَّفْرِيقِ فَهُوَ الْخَامِسُ وَمِثَالُهُ كَمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ الْقِلَّةِ فِي التَّفْرِيقِ، فَهُوَ السَّادِسُ وَمِثَالُهُ كَمِثَالِ الثَّانِي أَوْ كَانَ عَنْ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْقِلَّةِ فِي الْجَمْعِ، فَهُوَ السَّابِعُ.
وَمِثَالُهُ كَمِثَالِ الثَّالِثِ أَوْ كَانَ عَنْ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ السُّقُوطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute