للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ) (تَخْتَصُّ بِقُوتٍ اخْتِيَارًا مِنْ رُطَبٍ وَعِنَبٍ وَ) مِنْ (حَبٍّ

ــ

[حاشية الجمل]

{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: ٦] وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] وقَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] فَوَجَبَ الْإِنْفَاقُ مِمَّا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ، وَهُوَ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيمَا أَخْرَجَهُ غَيْرُهَا انْتَهَتْ (فَائِدَةٌ)

نَقَلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الرِّسَالَةِ الزَّرْنَبِيَّةِ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ فِيهِ دَوَاءٌ وَدَاءٌ إلَّا الْأُرْزَ، فَإِنَّهُ دَوَاءٌ لَا دَاءَ فِيهِ وَنَقَلَ فِيهَا أَيْضًا أَنَّ الْأُرْزَ كَانَ جَوْهَرَةً مُودَعًا فِيهَا نُورُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا تَفَتَّتَتْ وَصَارَتْ هَكَذَا وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا دَامَ يَأْكُلُ عِنْدَ أَكْلِهِ اهـ وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ السُّيُوطِيّ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَكَلَ الْأُرْزَ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا دَامَ يَأْكُلُ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نُورِ الْمُصْطَفَى لَكِنْ تُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ اهـ. (قَوْلُهُ تُخْتَصُّ) فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ لِزَكَاةِ النَّابِتِ وَقَوْلُهُ بِقُوتٍ الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ وَالْقُوتُ بِمَعْنَى الْمُقْتَاتِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ قَاتَ أَهْلَهُ مِنْ بَابِ قَالَ وَكَتَبَ وَالِاسْمُ الْقُوتُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ مِنْ الطَّعَامِ وَقُتُّهُ فَاقْتَاتَ كَرَزَقْتُهُ فَارْتَزَقَ وَاسْتَقَاتَهُ سَأَلَهُ الْقُوتَ، وَهُوَ يَتَقَوَّتُ بِكَذَا وَأَقَاتَ عَلَى الشَّيْءِ اقْتَدَرَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْمُقِيتُ الْمُقْتَدِرُ كَاَلَّذِي يُعْطِي كُلَّ رَجُلٍ قُوتَهُ قَالَ تَعَالَى {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: ٨٥] وَقِيلَ الْمُقِيتُ الْحَافِظُ لِلشَّيْءِ وَالشَّاهِدُ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا تَخْتَصُّ بِقُوتٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا حَيَاةَ بِدُونِهَا؛ فَلِذَا أَوْجَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ شَيْئًا لِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقُوتِ مَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ حَبًّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَنَبَتَ بِأَرْضِنَا، فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالنَّخْلِ الْمُبَاحِ بِالصَّحْرَاءِ، وَكَذَا ثِمَارُ الْبُسْتَانِ وَغَلَّةُ الْقَرْيَةِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، وَلَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الْخَرَاجَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الْعُشْرِ كَانَ كَأَخْذِهِ الْقِيمَةَ فِي الزَّكَاةِ بِالِاجْتِهَادِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْوَاجِبِ تَمَّمَهُ اهـ.

شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَنَبَتَ بِأَرْضِنَا أَيْ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ مَمْلُوكًا لْأَحَدِ كَالْمَوَاتِ وَقَوْلُهُ وَغَلَّةُ الْقَرْيَةِ إلَخْ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْغَلَّةَ حَصَلَتْ مِنْ حَبٍّ مُبَاحٍ أَوْ بَذَرَهُ النَّاظِرُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ الْأَرْضَ وَبَذَرَ فِيهَا حَبًّا يَمْلِكُهُ فَالزَّرْعُ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ، وَلَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ الْوَقْفُ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَقَوْلُهُ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ أَيْ وَتَقُومُ نِيَّةُ الْإِمَامِ مَقَامَ نِيَّةِ الْمَالِكِ كَالْمُمْتَنِعِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَزِمُونَ بِالْبِلَادِ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْ الْإِمَامِ فِي قَبْضِ الزَّكَوَاتِ وَلَا يَقْصِدُونَ بِالْمَأْخُوذِ الزَّكَاةَ بَلْ يَجْعَلُونَهُ فِي مُقَابَلَةِ تَعَبِهِمْ فِي الْبِلَادِ وَنَحْوِهِ (تَنْبِيهٌ)

أَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ أَرْضَ مِصْرَ لَيْسَتْ خَرَاجِيَّةً ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ إفْتَاءَ حَنَفِيٍّ بِعَدَمِ وُجُوبِ زَكَاتِهَا لِكَوْنِهَا خَرَاجِيَّةً، فَإِنَّ شَرْطَ الْخَرَاجِيَّةِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ يَمْلِكُهُمَا مِلْكًا تَامًّا، وَهِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ أَيْ حَتَّى عَلَى قَوَاعِدِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَإِنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى رُءُوسِ أَهْلِهَا الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرْضِهَا الْخَرَاجَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَرَاجَ بَعْدَ تَوْظِيفِهِ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ، وَيَأْتِي قُبَيْلَ الْأَمَانِ مَا يَرُدُّ جَزْمَهُمْ بِفَتْحِهَا عَنْوَةً وَصَرَّحَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ النَّوَاحِيَ الَّتِي يُؤْخَذُ الْخَرَاجُ مِنْ أَرْضِهَا وَلَا يُعْلَمُ أَصْلُهُ يُحْكَمُ بِجَوَازِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ وَبِمِلْكِ أَهْلِهَا لَهَا فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ رُطَبٍ وَعِنَبٍ) .

(فَائِدَةٌ)

ثَمَرَاتُ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ أَفْضَلُ الثِّمَارِ وَشَجَرُهُمَا أَفْضَلُ الْأَشْجَارِ بِاتِّفَاقٍ وَالنَّخْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِنَبِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْرِمُوا عَمَّاتِكُمْ النَّخْلَ الْمُطْعِمَاتِ فِي الْمَحَلِّ» فَوُصِفَ بِعَمَّاتِنَا؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ آدَمَ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَثَمَرُهُ مِثْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ «أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمْ النَّخْلَةَ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ أَبِيكُمْ آدَمَ وَلَيْسَ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ هِيَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَلَدَتْ تَحْتَهَا مَرْيَمُ عِيسَى فَأَطْعِمُوا نِسَاءَكُمْ الْوُلَّدَ الرُّطَبَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَتَمْرٌ» قِيلَ إنَّهَا كَانَتْ بِمِصْرَ بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا أَهْنَاسُ وَهِيَ النَّخْلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: ٢٥] لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَنَشَأْ بِهِ ثُمَّ دَخَلَ مِصْرَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>