فَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «النَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ.»
(وَ) أَنْ لَا يَقْضِيَ حَاجَتَهُ (فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) ولَا فِي جُحْرٍ وَمَهَبِّ رِيحٍ وَمُتَحَدَّثٍ لِلنَّاسِ وَتَحْتَ مَا يُثْمِرُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ بَلْ أَوْلَى وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ لِلْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْكَثْرَةِ أَمَّا الْجَارِي فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ الْكَرَاهَةُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْبَوْلُ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ (وَ) لَا (فِي جُحْرٍ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الثَّقْبُ وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الشَّقُّ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ: فَلَوْ عَطَسَ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَبَابِ نَصَرَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ) وَلَا يُطْلَبُ تَشْمِيتُهُ لِعَدَمِ طَلَبِ الْحَمْدِ مِنْهُ لَفْظًا اهـ تَقْرِيرُ بَعْضِهِمْ وَهَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّ الذِّكْرَ الْقَلْبِيَّ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ وَهَذَا مَطْلُوبٌ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ أَنَّهُ لَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ قُلْت: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى مَا يُسْمِعُ بِهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيكَ إذَا لَمْ يُسْمِعْ بِهِ نَفْسَهُ لَا أَثَرَ لَهُ حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَجْزِيهِ فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً وَلَا ذِكْرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ إلَخْ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى كَرَاهَةُ التَّحَدُّثِ عَلَى الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ فَلَوْ قَالَ لِحَدِيثِ إلَخْ لَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّعَى بِخِلَافِ مَا فَعَلَهُ اهـ ح ف.
(قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) أَيْ مَمْلُوكٍ لَهُ، أَوْ مُبَاحٍ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ أَوْ الْمُسَبَّلِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا لَكِنْ فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَبْحِرًا لَا يَحْرُمُ اهـ ح ل وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ بِالنَّهَارِ أَمَّا بِاللَّيْلِ فَيُكْرَهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مُسْتَبْحِرًا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَبُولُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ أَيْ مَمْلُوكٍ لَهُ، أَوْ مُبَاحٍ قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الْقَلِيلِ وَاسْتِقْذَارِ الْكَثِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَبْحِرًا بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ الْأَنْفُسُ بِحَالٍ فِيمَا يَظْهَرُ لَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يَحْرُمْ فِي الْمَاءِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ عَذْبًا؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ فَيَكُونُ كَالطَّعَامِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الطَّعَامُ يَنْجُسُ وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُ مَائِعِهِ، وَالْمَاءُ لَهُ قُوَّةُ دَفْعِ النَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَلْحَقْ هُنَا بِالْمَطْعُومَاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ فِي الْقَلِيلِ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ أَمَّا الْجَارِي فَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَيُكْرَهُ أَيْضًا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ مَأْوَى لِلْجِنِّ وَحَيْثُ حَرُمَ الْبَوْلُ أَوْ كُرِهَ فَالتَّغَوُّطُ أَوْلَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وَيَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا يَحْرُمُ قَضَاؤُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِّ وَلَوْ انْغَمَسَ مُسْتَجْمِرٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ حَرُمَ وَإِنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فِي الْبَوْلِ فِيهِ لِمَا فِيهِ هُنَا مِنْ تَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ بِقُرْبِ الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا الْبَوْلَ إلَى جِدَارِهِ بِالْبَوْلِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَحْوِ عَظْمٍ مِمَّا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ وَيَحْرُمُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِإِنَاءٍ بِخِلَافِ الْفَصْدِ فِيهِ لِخِفَّةِ الِاسْتِقْذَارِ فِي الدَّمِ وَلِذَا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ بِشَرْطِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ بَيْنَ الْقُبُورِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ اهـ سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) أَيْ غَيْرِ مُسَبَّلٍ وَلَا مَوْقُوفٍ وَصُورَةُ الْمَوْقُوفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَقِفَ إنْسَانٌ ضَيْعَةً مَثَلًا يَمْلَأُ مِنْ غَلَّتِهَا نَحْوَ صِهْرِيجٍ، أَوْ فَسْقِيَّةٍ أَوْ أَنْ يَقِفَ بِئْرًا فَيَدْخُلَ فِيهِ مَاؤُهُ الْمَوْجُودُ وَالْمُتَجَدِّدُ تَبَعًا، وَإِلَّا فَالْمَاءُ لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ قَصْدًا اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ لِلْكَرَاهَةِ) حَاصِلُ كَرَاهَةِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي اللَّيْلِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الْجِنِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ كَتَنْجِيسِ الْعَظْمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَنَجَّسُ هُنَا، أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ مَا يَتَنَاوَلُوهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَكَذَا يُكْرَهُ فِي النَّهَارِ إلَّا فِي الرَّاكِدِ الْمُسْتَبْحِرِ، وَالْجَارِي الْكَثِيرِ وَيُكْرَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ بِقُرْبِ الْمَاءِ الَّذِي يُكْرَهُ قَضَاؤُهَا فِيهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ فِي الْمَوَارِدِ، وَصَبُّ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ كَالْبَوْلِ فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ إلَخْ) عَبَّرَ بِهِ لِيَأْتِيَ عَلَى الْقَوْلِ فِي الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ إذَا كُوثِرَ فَصَارَ كَثِيرًا بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ أُخْرَى وَالطُّهْرُ يُجَامِعُ الِاسْتِحَالَةَ بِخِلَافِ التَّطَهُّرِ فَصَحَّ قَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ النَّجَسِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْفَاعِلِ لَا الطُّهْرُ الَّذِي هُوَ أَثَرُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مُبَاحًا أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ كَمَا فِي ع ش اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَجَرٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَدٍّ بِالْفِعْلِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْكَرَاهَةِ بِقَصْدِ إعْدَادِهِ لِذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ إلَخْ) فِي الْمِصْبَاحِ السَّرَبُ بِفَتْحَتَيْنِ بَيْتٌ فِي الْأَرْضِ لَا مَنْفَذَ لَهُ وَهُوَ الْوَكْرُ وَانْسَرَبَ الْوَحْشُ فِي سَرَبِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْرَابٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْفَذٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَهُوَ النَّفَقُ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ الْحَجَرُ وَالثَّقْبُ مُتَرَادِفَانِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute