للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ مَا قِيلَ إنَّ الْجِنَّ تَسْكُنُ ذَلِكَ فَقَدْ تُؤْذِي مَنْ يَبُولُ فِيهِ وَكَالْبَوْلِ الْغَائِطُ (وَمَهَبِّ رِيحٍ) لِئَلَّا يُصِيبَهُ رَشَاشُ الْخَارِجِ (وَمُتَحَدَّثٍ) لِلنَّاسِ (وَطَرِيقٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ، قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» تَسَبَّبَا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً فَنُسِبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى احْذَرُوا سَبَبَ اللَّعْنِ الْمَذْكُورِ وَأُلْحِقَ بِظِلِّ النَّاسِ

ــ

[حاشية الجمل]

مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ مَا فِيهِ اسْتِدَارَةٌ وَالسَّرَبُ وَالشَّقُّ عَلَى مَا فِيهِ اسْتِطَالَةٌ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ شَقَقْته شَقًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَالشَّقُّ بِالْفَتْحِ انْفِرَاجٌ فِي الشَّيْءِ وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ، وَالْجَمْعُ شُقُوقٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَانْشَقَّ الشَّيْءُ إذَا انْفَرَجَ وَالشِّقُّ بِالْكَسْرِ نِصْفُ الشَّيْءِ، وَالْجَانِبُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ مَا قِيلَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ بَلْ غَيْرُ الْجِنِّ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا يَتَأَذَّى بِهِ، أَوْ يَهْلِكُ اهـ حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ مَوْضِعِ هُبُوبِهَا وَقْتَ هُبُوبِهَا فَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الرِّيحِ بِالْبَوْلِ.

وَفِي كَلَامِ حَجّ أَيْ جِهَةَ هُبُوبِهَا الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَابَّةً بِالْفِعْلِ اهـ ح ل وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ م ر أَنَّ الْمُرَادَ مَا تَهُبُّ فِيهِ بِالْفِعْلِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَمَهَبُّ رِيحٍ أَيْ مَحَلُّ هُبُوبِهَا وَقْتَ هُبُوبِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الْمُشْتَرَكَةُ بَلْ يَسْتَدْبِرُهَا فِي الْبَوْلِ وَيَسْتَقْبِلُهَا فِي الْغَائِطِ الْمَائِعِ لِئَلَّا يَتَرَشْرَشَ بِذَلِكَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَمَهَبِّ رِيحٍ) هَذَا فِي الْبَوْلِ ظَاهِرٌ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ إذَا كَانَ مَائِعًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ اهـ ح ف.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَا يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُ الرِّيحِ عِنْدَ التَّغَوُّطِ بِغَيْرِ مَائِعٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ عَوْدِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ عَلَيْهِ إذْ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُصِيبَهُ رَشَاشُ الْخَارِجِ) أَيْ بَوْلًا، أَوْ غَائِطًا رَقِيقًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَبُولُ وَيَتَغَوَّطُ مَائِعًا كُرِهَ لَهُ اسْتِقْبَالُهَا أَوْ يَتَغَوَّطُ مَائِعًا فَقَطْ كُرِهَ لَهُ اسْتِدْبَارُهَا كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِخَوْفِ عَوْدِ الرَّشَاشِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمُتَحَدَّثٍ) أَيْ مُبَاحٍ، أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ بِمُبَاحٍ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَغَيْرَ مُبَاحٍ حَرُمَ، وَإِنْ كَانَ لَكِنْ يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ بِمُحَرَّمٍ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ لَا يَبْعُدُ نَدْبُهُ وَرُبَّمَا وَجَبَ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِمَنْعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمُتَحَدَّثٍ لِلنَّاسِ) أَيْ مَمْلُوكٍ لَهُ، أَوْ مُبَاحٍ أَمَّا إذَا كَانَ مِلْكَ الْغَيْرِ فَيَحْرُمُ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَطَرِيقٍ) أَيْ مَسْلُوكٍ، وَهُوَ مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ طُرُقٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ مُرُورِ النَّاسِ وَلَوْ بِالصَّحْرَاءِ أَمَّا الطَّرِيقُ الْمَهْجُورُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَإِذَا قَضَى حَاجَتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَتَلِفَ بِهَا شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَفِ بِالْقُمَامَاتِ حَيْثُ يَضْمَنُ وَاضِعُهَا بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَاجَةِ أَنْ تَكُونَ عَنْ ضَرُورَةٍ وَأُلْحِقَ غَيْرُ الْغَالِبِ بِالْغَالِبِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش اهـ ح ف وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر وَلَوْ زَلِقَ أَحَدٌ فِيهِ وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ، وَإِنْ غَطَّاهُ بِتُرَابٍ، أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي التَّالِفِ فِعْلًا وَمَا فَعَلَهُ جَائِزٌ لَهُ اهـ وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ عَمَّا لَوْ تَغَوَّطَ فِي الطَّرِيقِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُغَطِّيَهُ بِتُرَابٍ مَثَلًا أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُغَطِّيهِ بَلْ يُبْقِيهِ بِحَالِهِ لِيُجْتَنَبَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الْمَلْعُونَيْنِ لِأَنَّهُمَا مَلْعُونَانِ لَا لَاعِنَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا لَمَّا تَسَبَّبَا فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا نُسِبَ اللَّعْنُ إلَيْهِمَا فَيَكُونُ مَجَازًا مُرْسَلًا فَفِي الْحَدِيثِ مَجَازَانِ اهـ شَيْخُنَا.

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي الْإِسْنَادِ فَيَكُونُ مَجَازًا عَقْلِيًّا مِنْ إسْنَادِ الْوَصْفِ الَّذِي حَقُّهُ أَنْ يُسْنَدَ لِلْفَاعِلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَى الْمَفْعُولِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَلْعُونَانِ، وَالْعَلَاقَةُ تَسَبُّبُهُمَا فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا هَذَا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا فِي الطَّرَفِ حَيْثُ شُبِّهَ اللَّعْنُ الْوَاقِعُ عَلَيْهِمَا بِالْوَاقِعِ مِنْهُمَا بِجَامِعِ تَعَلُّقِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاسْتُعِيرَ اللَّعْنُ الْوَاقِعُ مِنْهُمَا لِلْوَاقِعِ عَلَيْهِمَا وَاشْتُقَّ مِنْهُ اللَّعَّانَانِ بِمَعْنَى الْمَلْعُونَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَالْإِسْنَادُ حَقِيقِيٌّ لَا تَجَوُّزَ فِيهِ فَالتَّجَوُّزُ إمَّا فِي الطَّرَفِ، وَإِمَّا فِي الْإِسْنَادِ لَا فِيهِمَا مَعًا كَمَا تَوَهَّمَهُ الْبَعْضُ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ اتَّقُوا أَنْ يُحْمَلَا عَلَى الْفِعْلَيْنِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَقَالَ الَّذِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَخَلَّى الَّذِي وَتَكْفِي الْمُطَابَقَةُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى فَلَا يَضُرُّ الْإِفْرَادُ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَا عَلَى الشَّخْصَيْنِ بِتَقْدِيرِ اتَّقُوا فِعْلَ اللَّعَّانَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَسَبَّبَا إلَخْ فَلَا حَذْفَ فِي الَّذِي يَتَخَلَّى وَمُطَابَقَتُهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ اللِّعَانُ الْمَأْخُوذُ مِنْ لَاعَنَ اسْمُ فَاعِلٍ بِمَعْنَى مَلْعُونٍ كَقَوْلِهِمْ سِرٌّ كَاتِمٌ بِمَعْنَى مَكْتُومٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي يَتَخَلَّى إلَخْ) إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْإِخْبَارِ بِالْمُثَنَّى إلَى الْمُفْرَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>