للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا.

(وَمَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ لَزِمَهُ) إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَتُخَالِفُ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا.

(أَوْ) أَيْسَرَ بِبَعْضِ (صِيعَانٍ قَدَّمَ) وُجُوبًا (نَفْسَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» (فَزَوْجَتَهُ) ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (فَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ) ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ (فَأَبَاهُ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ (فَأُمَّهُ) كَذَلِكَ عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ، وَالشَّرَفِ، وَالْأَبُ أَوْلَى بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

ــ

[حاشية الجمل]

عَنْهُ بَلْ لَوْ قَالَ الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ: أَدِّ عَنِّي فِطْرَتِي جَازَ كَوَفَاءِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ عَمِيرَةُ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا) وَتَجِبُ فِطْرَةُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لَهَا دُونَ الْمُؤَجِّرِ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً قَالَ شَيْخُنَا ع ش وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ اسْتِئْجَارِ شَخْصٍ لِرَعْيِ دَوَابِّهِ أَوْ خِدْمَةِ زَرْعِهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا فِطْرَةَ لَهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّرًا إجَارَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ بِالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ فَإِنَّهُ تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَأَمَّا الَّتِي صَحِبَتْهَا فَلَا تَجِبُ فِطْرَتُهَا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرَةِ أَيْ إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا مُقَدَّرَةً وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْوُجُوبَ أَيْ إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ.

وَلَوْ كَانَتْ الْخَادِمَةُ مُتَزَوِّجَةً بِزَوْجٍ غَنِيٍّ فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ عَلَى زَوْجِ الْخَادِمَةِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ فَإِنْ أَعْسَرَ وَجَبَ عَلَى زَوْجِ الْمَخْدُومَةِ كَذَا بَحَثَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْأُولَى قَدْ يُقَالُ إنَّهَا مِنْ التَّعْلِيلِ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ يَرْجِعُ إلَى أَنْ يُقَالَ تَبَعَّضَتْ الْفِطْرَةُ وَلَمْ تَتَبَعَّضْ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ اهـ. ع ش، وَالْمُرَادُ بِالْكَفَّارَةِ فِي كَلَامِهِ الْكَفَّارَةُ الْمُخَيَّرَةُ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا أَيْ وَهُوَ الصَّوْمُ وَيُجَابُ عَمَّا قَالَهُ ع ش بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْفِطْرَةَ عُهِدَ تَبْعِيضُهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَفِطْرَةِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْمُهَايِئِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ سَيِّدَيْهِ بَعْضُ فِطْرَةٍ وَكَمَا فِي فِطْرَةِ الْمُبَعَّضِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَتَصَدَّقَ عَلَيْهَا) أَيْ عَنْهَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَزَوْجَتَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا فَأَخْرَجَتْ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا رُجُوعَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَالْحَوَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُحِيلُ لَوْ أَدَّى بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(فَرْعٌ)

خَادِمُ الزَّوْجَةِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهَا يَكُونُ فِي أَيِّ مَرْتَبَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الزَّوْجَةِ وَقِيلَ سَائِرُ مَنْ عَدَاهَا حَتَّى وَلَدُهُ الصَّغِيرُ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى سَائِرِ مَنْ عَدَاهَا وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لمر اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(تَنْبِيهٌ)

يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْإِخْرَاجُ عَنْ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ، وَالْبَائِنِ الْحَامِلِ دُونَ الْحَائِلِ اهـ. م ر عَلَى الْبَهْجَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْبَائِنِ الْحَامِلِ دُونَ الْحَائِلِ أَيْ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ لَهَا دُونَهَا إذْ وُجُودُ الْحَمْلِ اقْتَضَى وُجُوبَ النَّفَقَةِ فَيَقْتَضِي وُجُوبَ الْفِطْرَةِ أَيْضًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي نُمُوِّ الْحَمْلِ وَزِيَادَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْفِطْرَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ لَوْ لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُ فِطْرَةِ الْحَامِلِ عَلَى الْغَيْرِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهَا وَقَدْ تُخْرِجُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَ الْفِطْرَةِ وَلَا تَجِدُ مَا تَقْتَاتُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَحْصُلُ لَهَا وَهَنٌ فِي بَدَنِهَا فَيَتَعَدَّى لِحَمْلِهَا فَأَوْجَبْنَا الْفِطْرَةَ عَلَى الْغَيْرِ خُلُوصًا مِنْ ذَلِكَ اهـ. ع ش وَلَعَلَّ فَائِدَةَ هَذَا التَّرْتِيبِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ عَمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَنْهُ مَعَ وُجُودِ مَنْ تَجِبُ عَنْهُ حَرُمَ وَلَمْ تُجْزِهِ كَمَا إذَا وَجَدَ صَاعًا وَاحِدًا وَدَفَعَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَتَرَكَ نَفْسَهُ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ صَاعَيْنِ فَقَدَّمَ زَوْجَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ الثَّانِي عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ فَلَوْ تَلِفَ هَلْ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْقَبْضِ أَوْ يَسْتَمِرُّ فِي ذِمَّتِهِ اهـ. ح ل.

وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ " وَلَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ وَخَالَفَ التَّرْتِيبَ فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ مَعَ الْإِثْمِ وَيُتَّجَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَلَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ مِنْ أَصْلِهِ اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى حَجّ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَجَدَ كُلَّ الصِّيعَانِ هَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ أَيْ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ عَنْ الشَّرْحِ اسْتِدْرَاكًا عَلَى حَجّ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ) أَيْ حَيْثُ تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ. . . إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِتَقْدِيمِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِي الْبَابَيْنِ.

قَالَ حَجّ (وَيُجَابُ) بِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالْأَصَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ اهـ. س ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ هُنَا وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةَ فِي الْبَابَيْنِ وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ كَبَعْضِ وَالِدِهِ وَنَفْسُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا بِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالْأَصَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعُوا بَدَأَ بِفِطْرَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ زَوْجَتِهِ ثُمَّ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>