(فَ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ) ثُمَّ الرَّقِيقَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ أَشْرَفُ مِنْهُ وَعَلَاقَتُهُ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَإِنْ اسْتَوَى جَمَاعَةٌ فِي دَرَجَةٍ تَخَيَّرَ.
(وَهِيَ) أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (صَاعٌ وهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) لِمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ثُمَّ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمِدَادً وَأَنَّ الْمُدَّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَسَيَأْتِي مِقْدَارُهُ بِالدَّرَاهِمِ فِي النَّفَقَاتِ فَالصَّاعُ بِالْوَزْنِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ قَدَحَانِ وَقَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ الْوَزْنِ مَعَ الْكَيْلِ وَأَنَّهُ تَحْدِيدٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ ضَبْطُ الصَّاعِ بِالْأَرْطَالِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَيْلِ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ دُونَ الْوَزْنِ فَإِنْ فُقِدَ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ تَقْرِيبٌ انْتَهَى.
(وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعِ (قُوتٌ سَلِيمٌ) لَا مَعِيبٌ (مُعَشَّرٌ) أَيْ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ (وَأَقِطٌ) .
ــ
[حاشية الجمل]
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ، وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ، وَالشَّرَفِ، وَالْأَبُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ، قَالَ وَمُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا كَالنَّفَقَةِ أَصْلُ التَّرْتِيبِ لَا كَيْفِيَّتُهُ، وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةَ فِي الْبَابَيْنِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَوَلَدَهُ الْكَبِيرُ) أَيْ الَّذِي لَا كَسْبَ لَهُ وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ فَلَمْ تَجِبْ فِطْرَتُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّقِيقَ) أَيْ ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْهُمْ بِأُمِّ الْوَلَدِ ثُمَّ بِالْمُدَبَّرِ ثُمَّ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَى جَمَاعَةٌ فِي دَرَجَةٍ تَخَيَّرَ) وَهَلَّا أَقْرَعَ هُنَا كَالنَّفَقَاتِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَيَقْوَى فِيهَا النِّزَاعُ فَكَانَتْ الْقُرْعَةُ لِقَطْعِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ كَابْنَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ تَخَيَّرَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُوبِ، وَإِنْ تَمَيَّزَ بَعْضُهُمْ بِفَضَائِلَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّطْهِيرُ وَهُمْ مُسْتَوُونَ فِيهِ بَلْ النَّاقِصُ أَحْوَجُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا لِنَقْصِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ بِالْجِيمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الْقَفَّالُ: حِكْمَةُ الصَّاعِ هُنَا أَنَّ الْفَقِيرَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ لِلْكَسْبِ غَالِبًا، وَالصَّاعُ مَعَ مَا يُضَافُ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ يَحْصُلُ مِنْهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَذَلِكَ كِفَايَتُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِكُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ. اهـ. قَالَ سم اُنْظُرْ هَذِهِ الْحِكْمَةَ كَيْفَ تَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الْفِطْرَةِ لِسَبْعَةِ أَصْنَافٍ وَلَا تَأْتِي فِي صَاعِ الْأَقِطِ، وَالْجُبْنِ، وَاللَّبَنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ جَمْعِ الزَّكَوَاتِ وَتَفْرِقَتِهَا وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَإِنْ جَمَعَهَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ فَقِيرٍ صَاعًا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْحَبُّ اهـ.
مِنْ حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَإِنْ جَمَعَهَا. . . إلَخْ أَقُولُ هُوَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُنْقِصُهُ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَتُهُ لَا تَنْقُصُ عَمَّا ذُكِرَ فَذَلِكَ هُوَ أَقَلُّ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ. . . إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ رِطْلٌ دِمَشْقِيٌّ وَسُبْعٌ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ فَالصَّاعُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ) وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْكَيْلُ أَمَّا مَا لَا يُكَالُ أَصْلًا كَالْأَقِطِ، وَالْجُبْنِ إذَا كَانَ قِطَعًا كِبَارًا فَمِعْيَارُهُ الْوَزْنُ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الرِّبَا قِيلَ وَمِنْ ذَلِكَ اللَّبَنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَيْلُ لَهُ دَخْلٌ فِيهِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرِّبَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ تَقْرِيبٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْهُ حِكَايَةَ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي مِقْدَارُهُ) أَيْ الْمُدِّ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا هُنَا وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ قَدَحَانِ) وَيُزَادَانِ إنْ نَدَبَا شَيْئًا يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ اشْتِمَالِهِمَا عَلَى تِبْنٍ أَوْ طِينٍ اهـ. شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ وَالْقَدَحُ بِالدَّرَاهِمِ الْمِصْرِيَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَيَكْفِي عَنْ الْكَيْلِ بِالْقَدَحِ أَرْبَعُ حِفَانٍ بِكَفَّيْنِ مُنْضَمَّتَيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ كَذَلِكَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمَتْنِ حَيْثُ قَدَّرَهَا بِالصَّاعِ الَّذِي هُوَ كَيْلٌ وَبِالْوَزْنِ لَكِنْ هَذِهِ الْمُنَاقَشَةُ مِنْ الشَّارِحِ لَيْسَتْ عَادَتَهُ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُ أَنْ لَا يُنَاقِشَ الْمَتْنَ؛ لِأَنَّهُ لَهُ وَقَدْ شَرَحَهُ فِيمَا سَبَقَ وَبَيَّنَ أَنَّ تَقْدِيرَهَا بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا وَهَذَا عَلَى مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ الْمُصْلَحَةِ وَفِي نُسَخٍ هَكَذَا وَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ مَعَ الْكَيْلِ أَنَّهُ تَحْدِيدٌ اهـ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ) أَيْ الَّذِي أُخْرِجَ بِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَيْلِ بِصَاعٍ مُعَايَرٍ بِالصَّاعِ الَّذِي كَانَ يُخْرَجُ بِهِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ إخْرَاجُ قَدْرٍ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: سَلِيمٌ) أَيْ مِنْ عَيْبٍ يُنَافِي صَلَاحِيَّةَ الِاقْتِيَاتِ، وَالِادِّخَارِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوَاعِدِ الْبَابِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْعَيْبَ فِي كُلِّ بَابٍ مُعْتَبَرٌ بِمَا يُنَافِي