للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَلْزَمُ) زَكَاةُ الْمَالِ (مُسْلِمًا) لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ: «فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ» فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٌّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ (حُرًّا أَوْ مُبَعَّضًا) مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا فَلَا تَجِبُ عَلَى رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا بِخِلَافِ مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا لِأَنَّهُ تَامُّ الْمِلْكِ لَهُ (وَتُوَقِّفُ فِي مُرْتَدٍّ) لَزِمَتْهُ فِي رِدَّتِهِ.

ــ

[حاشية الجمل]

تَلْوِيحًا فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيمَةِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَقَدْ لَوَّحَ م ر فِي شَرْحِهِ أَيْضًا لِلْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ فِي الْوَصِيَّةِ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَلْزَمْ أَحَدًا زَكَاتُهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِ الْمُوصِي وَضَعْفِ مِلْكِ الْوَارِثِ، وَالْمُوصَى لَهُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَأُجِيزَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ وَتَمَامِ الصِّيغَةِ وُجِدَ فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَذَكَرَ الْأَخِيرَيْنِ مِنْهَا صَرِيحًا بِقَوْلِهِ، وَشَرْطُ وُجُوبِهَا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُعَيَّنًا فَلَا تَلْزَمُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ وَتَجِبُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَأَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُتَيَقَّنَ الْوُجُودِ فَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْحَمْلِ الْمَوْقُوفِ لَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِحَيَاتِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَتَجِبُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ وَاحِدًا مِنْ الْمُعَيَّنِينَ نِصَابٌ لِلشَّرِكَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقِفَ بُسْتَانًا وَيَحْصُلَ مِنْ ثَمَرَتِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: تَلْزَمُ زَكَاةُ الْمَالِ) أَيْ بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَنَقْدٍ وَمَعْدِنٍ وَرِكَازٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مُسْلِمًا) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَنْبِيَاءُ.

قَالَ تَاجُ الدِّينِ فِي كِتَابِهِ التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ " وَمِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: ٣١] أَيْ زَكَاةِ الْبَدَنِ لَا الْمَالِ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَوْ أَوْصَانِي بِالزَّكَاةِ أَيْ بِتَبْلِيغِهَا اهـ. مِنْ خَصَائِصِ السُّيُوطِيّ وَقَوْلُهُ: أَيْ زَكَاةِ الْبَدَنِ الْمُرَادُ بِهَا زَكَاةُ النَّفْسِ عَنْ الرَّذَائِلِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِمَقَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ الْآيَةَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّكَاةِ فِيهَا الْإِكْثَارُ مِنْ الْخَيْرِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْوَاحِدِيُّ فِي وَسِيطِهِ لَا زَكَاةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى جَعْلِهِ عَدَمَ الزَّكَاةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَكَاةِ الْمَالِ، وَالْبَدَنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَالَ فِي شَرْحِ الْأَعْلَامِ: تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ اهـ. أُجْهُورِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ لِلسُّيُوطِيِّ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ كَمَالِكٍ وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ. . . إلَخْ) هَذِهِ حِكَايَةٌ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ بِالْمَعْنَى وَلَفْظُهُ فِيمَا سَبَقَ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ لِأَنَسٍ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ فِي وُجُوبِ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَيْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي التَّكْلِيفِ بِهَا عَلَى تَقْلِيدِ الْقَائِلِ بِهَا قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ بَحْثًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عَلَى الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إذَا قَلَّدَ قَائِلِيهِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرَهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ هَذَا وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَضَاهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ أَنَّهُ هُنَا لَوْ أَخْرَجَهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ لَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَا بَعْدَهُ وَيَسْتَرِدُّهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا، وَقَدْ يُقَالُ إذَا أَخْرَجَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَوْ قَبْلَهُ تَقَعُ لَهُ تَطَوُّعًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) وَلَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ فَإِنْ زَالَتْ الْكِتَابَةُ بِعَجْزٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ انْعَقَدَ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ زَوَالِهَا اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ: انْعَقَدَ حَوْلُهُ أَيْ فِي حَقِّ السَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِزَوَالِهَا بِالْعَجْزِ وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ نَفْسِهِ بِالنِّسْبَةِ لِزَوَالِهَا بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ مُكَاتَبًا) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَتَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ الْمُكَاتَبِ قُلْت وَيَجُوزُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مِلْكِ الرَّقِيقِ فَالْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَظْهَرِ، وَالثَّانِي لِمُقَابِلِهِ لَا يُقَالُ هُوَ لَا يَتَعَرَّضُ لِلضَّعِيفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ ضَعْفِهِ أَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاجِحِ وَمُقَابِلِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتُوُقِّفَ فِي مُرْتَدٍّ) أَيْ يُوقَفُ لُزُومُ أَدَائِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ فِي رِدَّتِهِ) أَيْ بِأَنْ وَجَبَتْ حَالَ الرِّدَّةِ بِأَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ أَمَّا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَمْ قُتِلَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيَجْزِيهِ الْإِخْرَاجُ فِي هَذِهِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ وَتَصِحُّ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ وَيَجْزِيهِ أَيْضًا فِي الْأُولَى إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: بِأَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ صَادِقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>