للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ ثُبُوتِهَا) فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَرَهُ (بِعَدْلِ شَهَادَةٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «أَخْبَرْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا شَهِدَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرُؤْيَتِهِ فَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» ، وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ.

ــ

[حاشية الجمل]

وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَقَدْ رُئِيَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَدِيدِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَهُ شَخْصٌ بِوُجُودِهِ وَوَثِقَ بِهِ مِنْ لُزُومِ الصَّوْمِ ثُبُوتُهُ هُنَا عَلَى الْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الظَّنُّ بِوُجُودِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ ثُبُوتِهَا بِعَدْلِ شَهَادَةٍ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ عَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَوْ عَلِمَ فِسْقَ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبَهُمْ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ لُزُومِ الصَّوْمِ لَهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ جَزْمُهُ بِالنِّيَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حَيْثُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ وَلَوْ عَلِمَ فِسْقَ الْقَاضِي الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ وَجَهِلَ حَالَ الْعُدُولِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدُوا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَهْلًا لَكِنَّهُ عَدْلٌ فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ الصَّوْمِ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ شَرْعًا وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِالرُّؤْيَةِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَيُفْطِرُونَ بِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ. . . إلَخْ يُؤْخَذُ لَهُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَجَبَ الصَّوْمُ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعُوا فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(فَرْعٌ)

لَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَكَذَا قَبْلَهُ، وَبَعْدَ الشُّرُوعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَالشُّرُوعِ جَمِيعًا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِ اهـ. م ر اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ أَيْضًا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ اثْنَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» . . . إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ يَحْتَمِلُهَا اللَّفْظُ بِحَسَبِ ذَاتِهِ أَحَدُهَا أَنَّهُ إنْ حُمِلَ ضَمِيرُ صُومُوا وَرُؤْيَتِهِ عَلَى الْكُلِّيَّةِ فِيهِمَا كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ إذَا رَأَى دُونَ غَيْرِهِ أَوْ حُمِلَ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ لِرُؤْيَةِ وَاحِدٍ وَعَكْسُهُ كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ وَاحِدٌ لِرُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ ثَانِيهَا أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ عَلَى مَا هُوَ بِالْبَصَرِ كَانَ الْمَعْنَى مَنْ أَبْصَرَهُ يَصُومُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْأَعْمَى ثَالِثُهَا أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ عَلَى الْعِلْمِ دَخَلَ التَّوَاتُرُ وَخَرَجَ خَبَرُ الْعَدْلِ رَابِعُهَا أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ دَخَلَ خَبَرُ الْمُنَجِّمِ، خَامِسُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى إمْكَانِهَا دَخَلَ طَلَبُ الصَّوْمِ إذَا غُمَّ وَكَانَ بِحَيْثُ يُرَى، سَادِسُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى وُجُودِهِ لَزِمَ طَلَبُ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِأَنْ أَخْبَرَ الْمُنَجِّمُ أَنَّ لَهُ قَوْسًا لَا يُرَى، سَابِعُهَا: أَنَّهُ إنْ جُعِلَ ضَمِيرُ " صُومُوا " لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ " وَرُؤْيَتِهِ " لِبَعْضِهِمْ لَزِمَ صَوْمُ كُلِّهِمْ لِرُؤْيَةِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ وَاحِدًا عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ.

ثَامِنُهَا: أَنَّ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَأْتِي فِي الْفِطْرِ بِقَوْلِهِ «وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» . تَاسِعُهَا: أَنَّ ضَمِيرَ " رُؤْيَتِهِ " عَائِدٌ لِهِلَالِ رَمَضَانَ فِيهِمَا وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الثَّانِي.

عَاشِرُهَا: أَنَّ مَعْنَى " غُمَّ " اسْتَتَرَ بِالْغَمَامِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَيْرِهِ وَيَأْتِي فِي ضَمِيرِ عَلَيْكُمْ مَا فِي ضَمِيرِ صُومُوا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنْ تُحْمَلَ الرُّؤْيَةُ عَلَى إمْكَانِهَا فِي الصَّوْمِ، وَالْفِطْرِ وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ م ر وَغَيْرِهِ مِمَّا يُفْهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» ) تَفْرِيعٌ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ إمَّا ضَمِيرٌ يَعُودُ لِلْهِلَالِ أَيْ اسْتَتَرَ بِالْغَيْمِ وَأَمَّا لِلظَّرْفِ أَيْ كُنْتُمْ مَغْمُومًا عَلَيْكُمْ. اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ غُمَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَيْ اسْتَعْجَمَ مِثْلَ أَغْمَى وَيُقَالُ أَيْضًا غُمَّ الْهِلَالُ عَلَى النَّاسِ إذَا سَتَرَهُ غَيْمٌ أَوْ غَيْرُهُ فَلَمْ يُرَ اهـ. وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ: مَا نَصُّهُ " قَوْلُهُ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» يُقَالُ غُمَّ وَأُغْمِيَ وَغُمِّيَ وَغُمِيَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا، وَالْغَيْنُ مَضْمُومَةٌ فِيهِمَا وَيُقَالُ غَبِيٌّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ، وَقَدْ غَامَتْ السَّمَاءُ وَغَيَّمَتْ وَأَغَامَتْ وَتَغَيَّمَتْ وَأَغَمَّتْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ. . . إلَخْ) سَاقَهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ لِيُبَيِّنَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِخْبَارِ الشَّهَادَةُ إذْ الْإِخْبَارُ لَا يَجِبُ بِهِ الصَّوْمُ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ) أَيْ، وَالْحِكْمَةُ أَوْ السَّبَبُ فِي ثُبُوتِهِ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرًا مَعْنَوِيًّا اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: لَيْسَ أَمْرًا مَعْنَوِيًّا مَمْنُوعٌ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ، وَالْمَعْنَى أَيْ، وَالْعِلَّةُ وَمُقْتَضَى صَنِيعِهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَمْرًا مَعْنَوِيًّا بِخِلَافِ الْعِلَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>