الِاحْتِيَاطُ لِلصَّوْمِ وَخَرَجَ بِعَدْلِ الشَّهَادَةِ غَيْرُ الْعَدْلِ وَعَدْلُ الرِّوَايَةِ فَلَا يَكْفِي فَاسِقٌ وَعَبْدٌ وَامْرَأَةٌ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَهِيَ الَّتِي يُرْجَعُ فِيهَا إلَى قَوْلِ الْمُزَكِّينَ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ لَا رِوَايَةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا اُغْتُفِرَ فِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِعَدْلٍ لِلِاحْتِيَاطِ وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ
قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ وَيَجِبُ الصَّوْمُ أَيْضًا عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ وَمَحَلُّ ثُبُوتِ رَمَضَانَ بِعَدْلٍ فِي الصَّوْمِ وَتَوَابِعِهِ كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ لَا فِي غَيْرِهَا كَدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ بِهِ وَوُقُوعِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَلَّقَيْنِ بِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالشَّاهِدِ لِاعْتِرَافِهِ قَالَ وَمَا صَحَّحُوهُ مِنْ ثُبُوتِهِ بِعَدْلٍ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
ــ
[حاشية الجمل]
إنَّمَا هُوَ بِالِاعْتِبَارِ فَلْتُرَاجَعْ كُتُبُ الْأُصُولِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الِاحْتِيَاطُ لِلصَّوْمِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَكْفِي فِيهَا الْإِخْبَارُ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَيَصِحُّ كَالصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ عَدْلٌ كَفَى وَيَكْفِي قَوْلُ وَاحِدٍ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ، وَالْوَقْتِ، وَالْأَذَانِ وَيَكْفِي أَيْضًا شَهَادَةُ وَاحِدٍ بِمَوْتِ مَنْ كَانَ كَافِرًا مُسْلِمًا بِالنِّسْبَةِ لِتَجْهِيزِهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ إرْثِ مُسْلِمٍ مِنْهُ وَمَنْعِ إرْثِ كَافِرٍ لَهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ) أَيْ بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ اهـ. شَرْحُ م ر وَفَسَّرَهُ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ تَقْوَى ظَاهِرًا وَفَسَّرَهُ حَجّ هُنَا بِأَنَّهُ مَنْ عُرِفَ تَقْوَاهُ ظَاهِرًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا شَهَادَةٌ) أَيْ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ صِيغَتُهَا، وَقَوْلُهُ: كَمَا اُغْتُفِرَ فِيهِ أَيْ فِي الثُّبُوتِ فِيهِمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ) أَيْ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ دَعْوَى وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ ضَرُورَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الصَّوْمُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا وَجَبَ بِالطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَوْثُوقٌ بِهِ) أَيْ عِنْدَ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ حَيْثُ عَرَفَ عَدَالَتَهُ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ فِي الْعِبَادَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ أَوْ نَجَاسَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُ فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ وَأَنَّ مَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَوْ سَمِعَ شَهَادَتَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْحَاكِمُ ثَبَتَ عِنْدِي وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ خَطَأَهُ بِمُوجِبٍ قَامَ عِنْدَهُ كَضَعْفِ بَصَرِهِ أَوْ الْعِلْمِ بِفِسْقِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ إنْ صَدَّقَ الْمُخْبِرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا وَكَذَا إذَا صَدَّقَ الْمُنَجِّمَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ بِالْهِلَالِ فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَجِبُ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَجَبَ الصَّوْمُ عَلَى الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّ الشَّهْرَ هَلَّ اهـ. دَمِيرِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ. اهـ شَيْخُنَا وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ثُبُوتِ رَمَضَانَ بِعَدْلٍ. . . إلَخْ) مِثْلُ رَمَضَانَ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّهُورِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ) أَيْ، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِهَا كَدَيْنٍ. . . إلَخْ) لَا يُقَالُ هَلَّا ثَبَتَ ضِمْنًا كَمَا ثَبَتَ شَوَّالٌ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ، وَالنَّسَبُ، وَالْإِرْثُ بِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِالنِّسَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الضِّمْنِيُّ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا إذَا كَانَ التَّابِعُ مِنْ جِنْسِ الْمَتْبُوعِ كَالصَّوْمِ، وَالْفِطْرِ فَإِنَّهُمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَكَالْوِلَادَةِ، وَالنَّسَبِ، وَالْإِرْثِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَالِ، وَالْآيِلُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ التَّابِعَ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْآيِلِ إلَيْهِ، وَالْمَتْبُوعَ مِنْ الْعِبَادَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا لَا فِي غَيْرِهَا كَدَيْنٍ. . . إلَخْ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّعْلِيقُ وَكَانَ بِلَفْظِ الْمَجِيءِ وَنَحْوِهِ كَالدُّخُولِ لَا بِلَفْظِ الثُّبُوتِ فَإِنْ كَانَ بِهِ اُكْتُفِيَ بِالْوَاحِدِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَوُقُوعِ طَلَاقٍ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ قَالَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ فَلَوْ انْتَقَلَ الرَّائِي إلَى بَلَدٍ مُخَالِفٍ فِي الْمَطْلَعِ لَمْ يُرَ فِيهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ وُقُوعُ طَلَاقِهِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَثَلًا الْوَجْهُ الِاسْتِمْرَارُ خُصُوصًا، وَالْمُقَرَّرُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالشَّاهِدِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا إنْ تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ وَتَأَخَّرَ التَّعْلِيقُ أَوْ تَقَدَّمَ وَكَانَتْ الصِّيغَةُ إنْ ثَبَتَ اهـ. ع ش.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: مُعَلَّقَيْنِ بِهِ وَقَدْ سَبَقَ التَّعْلِيقُ الشَّهَادَةَ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهَا بِأَنْ ثَبَتَ بِقَوْلِ عَدْلٍ ثُمَّ حَصَلَ التَّعْلِيقُ بِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الثُّبُوتَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَأَمَّا لَوْ عُلِّقَ عَلَى الْمَجِيءِ أَوْ الدُّخُولِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ سَبَقَ التَّعْلِيقُ أَوْ تَأَخَّرَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا صَحَّحُوهُ مِنْ ثُبُوتِهِ بِعَدْلٍ. . . إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَاكِمٌ يَرَاهُ فَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ وَأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ اهـ.