للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَثَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ إلَّا بَعْدَ الْمُكْثِ فَنَزَعَ حِينَ عَلِمَ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ لَا النَّزْعَ فَعَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ وَعَنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ.

(وَ) ثَالِثُهَا (صَائِمٌ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَنَقَاءٌ) عَنْ نَحْوِ حَيْضٍ (كُلَّ الْيَوْمِ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ شَيْءٍ مِنْهَا فِي بَعْضِهِ كَالصَّلَاةِ.

(وَلَا يَضُرُّ نَوْمُهُ) أَيْ نَوْمُ كُلَّ الْيَوْمِ (وَ) لَا (إغْمَاءٌ أَوْ سُكْرٌ بَعْضَهُ) بِخِلَافِ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالسُّكْرَ.

ــ

[حاشية الجمل]

مَكَثَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِوُجُودِ الْمُنَافِي كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا لَكِنْ لَمْ يُنْزِلُوا مَنْعَ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ بِخِلَافِهَا ثَمَّ وَلِهَذَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ بِآخِرِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا، وَالْوَطْءُ ثَمَّ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمْعَ الْوَطْآتِ وَمِنْ الْجَمِيعِ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ نَعَمْ إنْ اسْتَدَامَ لِظَنِّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ حَتَّى طَلَعَ بِأَنْ عَلِمَ بَعْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَمَكَثَ أَوْ نَزَعَ حَالًا فَإِنَّهُ وَإِنْ أَفْطَرَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّهَارِ مَضَى وَهُوَ يُجَامِعُ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَمَّا قِيلَ كَيْفَ نَعْلَمُ الْفَجْرَ بِطُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وُضِعَتْ عَلَى التَّقْدِيرِ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا، وَالثَّانِي: أَنَّنَا تَعَبَّدْنَا بِمَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ فَالْعَارِفُ بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ يَدْرِي أَوَّلَ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ) أَيْ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ بِالْقُوَّةِ فَكَأَنَّهُ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ، وَسَيُوَجِّهُ بِهَذَا الشَّارِحُ فِي بَحْثِ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ، وَمَحَلُّ لُزُومِهَا إنْ عَلِمَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَمَّا الْإِفْطَارُ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِلْمِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ) غَايَةٌ لِلْبُطْلَانِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا مَا يَسَعُ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا ظَنَّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْجِمَاعِ أَنَّهُ بَقِيَ مَا يَسَعُهُ أَيْ الْجِمَاعَ، وَهُوَ الْإِدْخَالُ، وَالْإِخْرَاجُ لَا قَضَاءُ الْوَطَرِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ عَادَةً وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ نَزَعَ مَعَ الْفَجْرِ لِتَقْصِيرِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا نَظِيرُ كَلَامِ ابْنِ خَيْرَانَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَعَنْ ابْنِ خَيْرَانَ) هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَيْرَانَ الْبَغْدَادِيُّ صَاحِبُ اللُّطَيْفَاءِ. رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ الْكَبِيرِ وَعَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ رَامِسٍ وَنَقَلَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ

وَقَوْلُهُ: مَنْعُ الْإِيلَاجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ وَقَوْلُهُ: وَعَنْ غَيْرِهِ. إلَخْ مَرْجُوحٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَعَقْلٌ) أَيْ تَمْيِيزٌ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُنُونَ وَالْكُفْرَ يَضُرَّانِ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ مَا مِنْ النَّهَارِ وَأَنَّ السُّكْرَ وَالْإِغْمَاءَ لَا يَضُرَّانِ إلَّا إنْ اسْتَغْرَقَا النَّهَارَ وَأَنَّ النَّوْمَ لَا يَضُرُّ وَلَوْ اسْتَغْرَقَهُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَنْ نَحْوِ حَيْضٍ) وَكَذَا نَحْوُ وِلَادَةٍ مِنْ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ اتَّصَفَ. إلَخْ) وَيَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ عَلَى حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ الْإِمْسَاكُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَعَاطِي مُفْطِرٍ وَكَذَا فِي نَحْوِ الْعِيدِ اكْتِفَاءً بِعَدَمِ النِّيَّةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ نَوْمُهُ) وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الصَّوْمِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا إغْمَاءٌ أَوْ سُكْرٌ بَعْضَهُ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ أَيَّ لَحْظَةٍ كَانَتْ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الْإِفَاقَةِ فِي جُزْءٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ فَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُ تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا: إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي لَحْظَةٍ كَافِيَةٌ، وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ: بَطَلَ صَوْمُهُ أَيْ فَلَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّائِمِينَ فِي الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ الطِّيبُ وَنَحْوُهُ فِي كَفَنِهِ مِمَّا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلصَّائِمِ وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ أَيْ فَلَا يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا ثَوَابَ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ يُثَابُ عَلَى مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فَقَطْ وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ) كُلَّهُ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِالْإِغْمَاءِ، وَالسُّكْرِ أَوْ لَا، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر خِلَافًا لِلشِّهَابِ حَجّ اهـ. رَشِيدِيٌّ.

وَعِبَارَةُ سم هُنَا وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كُلٍّ مِنْ السُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ بَيْنَ مَا تَعَدَّى بِهِ وَمَا لَا فِي أَنَّهُ إنْ أَفَاقَ لَحْظَةً صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْجُنُونِ بَيْنَ الْمُتَعَدَّى بِهِ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>