للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخْرِجَانِ الشَّخْصَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِخِلَافِ النَّوْمِ إذْ يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِهِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي الْجُمْلَةِ وَذِكْرُ السُّكْرِ مِنْ زِيَادَتِي فَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا لَيْلًا وَصَحَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ.

(وَشَرْطُ الصَّوْمِ) أَيْ صِحَّتُهُ (الْأَيَّامُ) أَيْ وُقُوعُهُ فِيهَا (غَيْرَ) يَوْمِ (عِيدٍ) أَيْ عِيدِ فِطْرٍ وَعِيدِ أَضْحَى لِلنَّهْيِ عَنْ صِيَامِهِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَ) أَيَّامِ (تَشْرِيقٍ) وَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا لِمُتَمَتِّعٍ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ الْأَضْحَى لِلنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

(وَ) يَوْمِ (شَكٍّ) لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْصُوصُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ الْكَرَاهَةُ لَا التَّحْرِيمُ (بِلَا سَبَبٍ) يَقْتَضِي صَوْمَهُ أَمَّا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ كَقَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَوِرْدٍ فَيَصِحُّ صَوْمُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

ــ

[حاشية الجمل]

لَحْظَةً فِي الْيَوْمِ لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ اهـ. انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: يُخْرِجَانِ الشَّخْصَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ) إنْ أَرَادَ بِالْخِطَابِ خِطَابَ التَّكْلِيفِ فَالنَّائِمُ كَذَلِكَ فَأَيُّ مُخَالَفَةٍ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ خِطَابَ الْوَضْعِ فَهُمَا مُخَاطَبَانِ بِهِ كَالنَّائِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. عَمِيرَةُ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ لَكِنْ التَّعَلُّقُ بِهِمَا تَنْجِيزِيٌّ أَيْ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِمَا وَبِالنَّائِمِ مَعْنَوِيٌّ فَحَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فَتَأَمَّلْ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَانْظُرْ هَذِهِ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ تَنْجِيزِيٌّ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَعْدَ زَوَالٍ. . . إلَخْ فَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ تَنْجِيزِيًّا فَمَا مَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِمَا فَمَا مَعْنَى التَّنْجِيزِيِّ فَالْأَوْلَى فِي فَهْمِ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْخِطَابِ خِطَابُ الْوَضْعِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: يُخْرِجَانِ الشَّخْصَ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدِّي فِي بَعْضِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ قَدْ يَنْتَفِي عَنْهُمَا خِطَابُ الْوَضْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدِّي، فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّوْمِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ صَاحِبَهُ عَنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فِي صُورَةٍ مَا وَيَدُلُّ لِهَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْجُمْلَةِ وَعَلَى فَهْمِ الْمُحَشِّيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ خِطَابُ التَّكْلِيفِ يَضِيعُ قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدِّي. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: الْأَيَّامُ) أَيْ لَا اللَّيَالِي فَهِيَ مَحَلُّ الِاشْتِرَاطِ فَلِذَا قَالَ أَيْ وُقُوعُهُ فِيهَا. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا لِمُتَمَتِّعٍ) أَيْ عَادِمٍ الْهَدْيَ، وَهَذَا عَلَى الْجَدِيدِ وَفِي الْقَدِيمِ لَهُ صِيَامُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقَائِلِ بِأَنَّهَا اثْنَانِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ) هُوَ أَبُو الْيَقَظَانِ بِفَتْحِ الْقَافِ عَمَّارٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ ابْنُ يَاسِرٍ بِالْيَاءِ، وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْعَنْسِيُّ بِالنُّونِ الصَّحَابِيُّ ابْنُ الصَّحَابِيِّ ابْنُ الصَّحَابِيَّةِ وَاسْمُهَا سُمَيَّةُ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ بَعْدَ بِضْعَةٍ وَثَلَاثِينَ رَجُلًا حِينَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَارِ الْأَرْقَمِ وَكَانَ هُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ يُعَذَّبُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُرُّ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فَيَقُولُ صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ الْجَنَّةُ» وَقَتَلَ أَبُو جَهْلٍ أُمَّهُ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ قُتِلَ فِي الْإِسْلَامِ. وَفِيهِ أُنْزِلَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] وَهَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَى الْحَبَشَةِ وَشَهِدَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدْرًا وَأُحُدًا، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، رُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَانِ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، وَرَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَمِنْ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو وَائِلٍ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا فِي الْإِسْلَامِ بَنَى مَسْجِدَ قُبَاءَ شَهِدَ قِتَالَ الْيَمَامَةِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقُطِعَتْ أُذُنَاهُ وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الْكُوفَةِ وَكَانَ آدَم طَوِيلًا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ الْمُتَوَفَّى قَتِيلًا بِصِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَقِيلَ: الْآخَرِ وَعُمْرُهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ بِثِيَابِهِ فَدُفِنَ بِهَا وَلَمْ يُغَسَّلْ «وَقَالَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ: ائْتُونِي بِشَرْبَةِ لَبَنٍ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: آخِرُ شَرْبَةٍ أَشْرَبُهَا فِي الدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَقَضَاءٍ) شَمِلَ قَضَاءَ الْمُسْتَحَبِّ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَافِلَةً وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يَفْسُدُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ يَوْمِ الشَّكِّ كَنَذْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالْعِيدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَالْمُرَادُ بِيَوْمِ الشَّكِّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَقْتَ النَّذْرِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَالْخَمِيسِ الْآتِي مَثَلًا ثُمَّ طَرَأَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ لَكِنْ فِي شَرْحِ حَجّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: وَلَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ صَوْمُهُ أَيْ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَوْ لِنَفْلٍ كَأَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَأَفْسَدَهُ، وَالنَّذْرِ كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ كَذَا فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ أَمَّا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَلَا يَنْعَقِدُ، وَالْكَفَّارَةُ مُسَارَعَةٌ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلِأَنَّ لَهُ سَبَبًا فَجَازَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي فِي التَّحَرِّي هُنَا مَا مَرَّ ثَمَّ. اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَوِرْدٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِعْلُهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ صَوْمُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَتَحَرَّ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إلَى الشَّكِّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا وَلَوْ وَاجِبًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ انْتَهَتْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهُ لِيُوقِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>