للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الدَّهْرِ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ (وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ (أَوْ شَهِدَ بِهَا عَدَدٌ يُرَدُّ) فِي شَهَادَتِهِ كَصِبْيَانٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ فَسَقَةٍ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنُهُ مِنْهُ نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ صِحَّةُ نِيَّةِ ظَانٍّ ذَلِكَ وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ.

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ شَعْبَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَمْ يَنْعَقِدْ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ. إلَخْ) رَجُلٌ بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ وَبِالنَّصْبِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْهُ كَمَا قُرِئَ بِهِمَا قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ} [هود: ٨١] وَفِي قَوْلُهُ: {مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: ٦٦] اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الدَّهْرِ) وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَاقِيهِ فَوَافَقَ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمًا لَوْ دَامَ حَالُهُ الْأَوَّلُ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ لَوَقَعَ يَوْمُ الشَّكِّ مُوَافِقًا لِيَوْمِ الصَّوْمِ صَحَّ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ الِانْتِصَافِ عَلِمَ أَنَّهُ يُوَافِقُ آخِرَ شَعْبَانَ وَاتَّفَقَ أَنَّ آخِرَ شَعْبَانَ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ فَلَا يَحْرُمُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَقَوْلُهُ: بِمَرَّةٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَمَا قَبْلَهَا إلَى آخِرِ عُمْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهَا " سُئِلَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ الْقَدِيمَةِ أَوْ الْمَاضِيَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ لَا الْقَدِيمَةِ وَكَتَبَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ: بِأَنْ اعْتَادَ. . . إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيُحْتَاجُ لِعَادَةٍ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلُ وَيُجَابُ بِأَنْ يُتَصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ، وَالْخَمِيسَ فِي عَامٍ آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ أَوْ نَقُولُ كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ. إلَخْ) .

عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى كَثِيرًا بِثُبُوتِ هِلَالِ الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِثُبُوتِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَيَظُنُّ صِدْقُهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ السَّبْتِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ أَمْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ دَفْعَ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَنْدُوبِ انْتَهَتْ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ حُرْمَةُ صَوْمِ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ فَلَيْسَ هَذَا كَيَوْمِ الشَّكِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ فِي يَوْمِ الشَّكِّ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَدْ عَرَضْت ذَلِكَ عَلَى شَيْخِنَا الْحِفْنِيِّ فَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ بِهَا عَدَدٌ يُرَدُّ) أَيْ وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ لِاحْتِمَالِ الرُّؤْيَةِ بِانْفِرَاجِ السَّحَابِ ثُمَّ الْتِئَامِهِ بِسُرْعَةٍ انْتَهَى م ر اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَشَهِدَ بِهَا عَدَدٌ) أَيْ أَخْبَرَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَقَوْلُهُ: عَدَدٌ يُرَدُّ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فَسَقَةٌ، وَمِنْهُمْ الْكُفَّارُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَظُنَّ صِدْقُهُمْ) هَذَا الْقَيْدُ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَمُرَادُهُمْ أَنْ لَا يَكُونَ خَبَرُهُمْ مَقْطُوعًا بِكَذِبِهِ وَأَمَّا إذَا قُطِعَ بِكَذِبِهِ فَلَا شَكَّ اهـ. ح ل وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَظُنَّ صِدْقُهُمْ أَيْ اُحْتُمِلَ صِدْقُهُمْ أَيْ لَمْ يُقْطَعْ بِبُطْلَانِ خَبَرِهِمْ أَيْ كَانَ خَبَرُهُمْ مُحْتَمِلًا لِلصِّدْقِ، وَالْكَذِبِ عَلَى السَّوَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَقْطُوعًا بِكَذِبِهِ أَوْ مَظْنُونَ الصِّدْقِ فَإِنَّهُ يَكُونُ يَوْمَ شَكٍّ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّارِحَ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وُجُودُ الظَّنِّ بِصِدْقِ خَبَرِهِمْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ صِدْقَ خَبَرِ الْعَبْدِ أَوْ الْمَرْأَةِ صَحَّ صَوْمُهُ وَيَجْزِيهِ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تُحُدِّثَ بِرُؤْيَتِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ كَانَ يَوْمَ شَكٍّ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ الصَّوْمُ وَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ شَهِدَ بِهِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَانَ يَوْمَ شَكٍّ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَ مَنْ شَهِدَ فَيَحْرُمُ صَوْمُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ وَغَيْرَ يَوْمِ شَكٍّ فِي حَقِّ مَنْ ظُنَّ صِدْقُهُ فَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ وَيُجْزِئُهُ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ) أَيْ لِمَنْ ظَنَّ الصِّدْقَ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ صِحَّةُ ذَلِكَ وَهُوَ رَمَضَانُ فِي حَقِّ مَنْ شَهِدَهُ كَمَا عُلِمَ فَلَيْسَ يَوْمَ شَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنُهُ مِنْهُ أَيْ حَالَ النِّيَّةِ أَيْ وَصِحَّةُ النِّيَّةِ وَإِجْزَاؤُهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ صَوْمِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَهُ وَيُجْزِئُهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ اهـ. ح ل وَحَاصِلُهُ أَنَّكُمْ أَوْجَبْتُمْ الصَّوْمَ تَارَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ. . . إلَخْ وَقُلْتُمْ بِجَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ تَارَةً وَذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إلَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَقُلْتُمْ بِحُرْمَتِهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ تَارَةً وَهُوَ فِيمَا أَشَارَ لَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ. . . إلَخْ.

فَهَذِهِ مَوَاضِعُ ثَلَاثَةٌ بَيْنَهَا تَنَافٍ أَيْ الْوُجُوبُ، وَالْجَوَازُ مَعَ الْإِجْزَاءِ، وَالْحُرْمَةُ مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَأَشَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>