للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَقَالَ فَإِنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ» فَمَطْعُومُ الْإِنْسِ كَالْخُبْزِ أَوْلَى وَلِأَنَّ الْقَصَبَ الْأَمْلَسَ وَنَحْوَهُ لَا يَقْلَعُ وَغَيْرُ الْمَدْبُوغِ نَجَسٌ أَوْ مُحْتَرَمٌ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الْجَامِدُ (بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ) الْمُلَوَّثُ (مِنْ فَرْجٍ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يُجْزِئُ الْجَامِدُ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ كَثَقْبٍ مُنْفَتِحٍ وَكَذَا فِي قُبُلَيِ الْمُشْكِلِ (وَ) أَنْ (لَا يَجِفَّ) فَإِنْ جَفَّ تَعَيَّنَ الْمَاءُ (وَ) أَنْ (لَا يُجَاوِزَ صَفْحَةً) فِي الْغَائِطِ وَهِيَ مَا يَنْضَمُّ مِنْ الْأَلْيَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ (وَحَشَفَةً) فِي الْبَوْلِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمَطْعُومِ بِالِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى يَجُوزَ إزَالَةُ الدَّمِ بِالْمِلْحِ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْخُبْزِ وَاسْتَبْعَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَالَ م ر يَنْبَغِي الْجَوَازُ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ هُوَ أَقْوَى أَوْ أَسْرَعَ تَأْثِيرًا فِي الْإِزَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ النَّجَسَ إنْ تَوَقَّفَ زَوَالُهُ عَلَى نَحْوِ مِلْحٍ مِمَّا اُعْتِيدَ امْتِهَانُهُ جَازَ لِلْحَاجَةِ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: رَوَى مُسْلِمٌ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْكُلِّ، وَالْعِصْيَانِ فِي الْمُحْتَرَمِ فَقَوْلُهُ: نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ أَيْ وَالنَّهْيُ يُفِيدُ الْفَسَادَ وَهُوَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْقَصَبَ الْأَمْلَسَ وَنَحْوَهُ: دَخَلَ فِي النَّحْوِ الْمَائِعُ غَيْرُ الْمَاءِ وَالنَّجِسُ، وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمَدْبُوغِ نَجَسٌ أَيْ فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الْقَصَبَ الْأَمْلَسَ وَنَحْوَهُ لَا يَقْلَعُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مُحْتَرَمٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ أَيْ فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ فَمَطْعُومُ الْإِنْسِ كَالْخُبْزِ أَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ) أَيْ وَإِنْ حُرِقَ فَحُرْمَتُهُ بَاقِيَةٌ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِلْدِ إذَا دُبِغَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ، وَالْعَظْمِ إذَا حُرِقَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْجِلْدَ انْتَقَلَ مِنْ حَالَةِ النُّقْصَانِ إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ فَلِذَلِكَ أَجْزَأَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِخِلَافِ الْعَظْمِ فَإِنَّ الَّذِي يَكْسِيهِ لَحْمًا كَمَا قَبْلَ حَرْقِهِ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ وَوَقَعَ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فَإِنَّهَا وَلَعَلَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ) هَذَا مُدْرَجٌ مِنْ الرَّاوِي، أَوْ مِنْ نَقْلَةِ الْمَذْهَبِ اهـ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي لَيْلَةِ الْجِنِّ وَفِي آخِرِهِ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ: كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إخْوَانِكُمْ الْجِنِّ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد كَذَلِكَ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ كُلُّ عَظْمٍ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْأُولَى فِي حَقِّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ وَالثَّانِيَةَ فِي حَقِّ كَافِرِيهِمْ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَلْ يَأْكُلُونَ عِظَامَ الْمَيْتَةِ، أَوْ لَا رَاجِعْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْجِنَّ يَأْكُلُونَ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ يَتَغَذَّوْنَ بِالشَّمِّ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ خَوَاصَّ الْجِنِّ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ وَلَا يَتَنَاكَحُونَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَالْخُبْزِ) أَيْ مَا لَمْ يُحْرَقْ وَإِلَا جَازَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَطْعُومِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْعَظْمَ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِحَرْقِهِ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا لِلْجِنِّ وَيَحْرُمُ حَرْقُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقِيلَ يَجُوزُ حَرْقُ الْعَظْمِ وَهَلْ نَفْسُ الْعَظْمِ هُوَ الْمَطْعُومُ لَهُمْ أَوْ يَعُودُ لَهُمْ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَهَلْ يَأْكُلُونَ عِظَامَ الْمَيْتَةِ أَيْضًا؟ رَاجِعْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمَدْبُوغِ نَجَسٌ) أَيْ إذَا كَانَ جِلْدَ مَيْتَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُحْتَرَمٌ أَيْ إذَا كَانَ مِنْ مُذَكًّى.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدْبُوغِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَطْعُومٌ بِحَالِهِ أَوْ نَجَسٌ، وَالْأَوْجَهُ فِي جِلْدِ حُوتٍ كَبِيرٍ جَافٍّ أَنَّهُ إنْ قَوِيَتْ صَلَابَتُهُ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ لَمْ يَلِنْ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ فَرْجٍ) أَيْ فَرْجٍ وَاضِحٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَثَقْبٍ مُنْفَتِحٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ انْسِدَادُ الْفَرْجِ خِلْقِيًّا وَإِلَّا أَجْزَأَ الْحَجَرُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ اهـ م ر بِالْمَعْنَى اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجِفَّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ، أَوْ تَعِبَ يَتْعَبُ اهـ مُخْتَارٌ فَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَنْ لَا يَجِفَّ) أَيْ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ وَاتَّصَلَ فَإِنْ جَفَّ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ وَاتَّصَلَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْجَامِدَ يَقْلَعُهُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مَا يُجَانِسُ هَذَا الْجَافَّ وَيَصِلْ إلَى جَمِيعِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَإِلَّا أَجْزَأَ الْحَجَرُ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهُ.

وَفِي الْكَنْزِ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْجَافِّ كَأَنْ بَالَ، ثُمَّ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ أَمْذَى فَلَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ ز ي.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْيَ وَالْوَدْيَ مِنْ جِنْسِ الْبَوْلِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر اهـ ح ف.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ نَقَلَهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ هُنَا أَنْ يَكُونَ الطَّارِئُ الثَّانِيَ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ ابْتِدَاءً لَكَفَى فِيهِ الْحَجَرُ وَحِينَئِذٍ يَكْفِي طُرُوُّ نَحْوِ مَذْيٍ وَوَدْيٍ وَدَمٍ وَقَيْحٍ خَرَجَ مِنْ مَثَانَةِ الْبَوْلِ أَيْ مَعِدَتِهِ بَعْدَ جَفَافِ الْبَوْلِ فِي إجْزَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِمَا إذَا خَرَجَ بَوْلٌ لِلْغَالِبِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ " يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي خُرُوجِ الْقَيْحِ وَالدَّمِ " مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ بَثْرَةٍ فِي رَأْسِ الذَّكَرِ، وَأَمَّا الْمَنِيُّ فَلَيْسَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>