(سُنَّ) الِاعْتِكَافُ (كُلَّ وَقْتٍ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ (وَفِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهِ «لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ» كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ (لِلَيْلَةِ) أَيْ لِطَلَبِ لَيْلَةِ (الْقَدْرِ)
ــ
[حاشية الجمل]
أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ» «وَاعْتَكَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَهِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ» كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَيْضًا {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧] أَيْ نِسَاءَكُمْ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ مُقِيمُونَ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ مُتَعَلِّقٌ بِعَاكِفُونَ نَهْيٌ لِمَنْ كَانَ يَخْرُجُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ وَيَعُودُ اهـ. جَلَالٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَعَهِدْنَا. . . إلَخْ انْتَهَتْ.
وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: {لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: ١٢٥] قَالُوا وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ أَقُولُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ} [طه: ٩١] أَيْ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ {عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: ٩١] وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: سُنَّ كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ التَّأَكُّدِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: كُلَّ وَقْتٍ أَيْ حَتَّى أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ تَحَرَّاهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ وَلَوْ بِلَا صَوْمٍ أَوْ اللَّيْلِ وَحْدَهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِمَا ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ شَوَّالٍ» وَفِيهِ يَوْمُ الْعِيدِ قَطْعًا وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ اتِّفَاقًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ. . . إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا سِيَّمَا الْعَشْرُ الْأَخِيرُ إذْ ذَاكَ فِي اسْتِحْبَابِهِ فِي رَمَضَانَ وَمَا هُنَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ أَفْضَلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِهِ إسْلَامٌ. اهـ. ع ش وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاُنْظُرْ لِمَ أَحَالَ الْمُحَشِّي عَلَى عِبَارَتِهِ هُنَاكَ وَلَمْ يُحِلْ عَلَى مَا مَرَّ هُنَا قَرِيبًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ، وَالِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ أَنَّ الْعِبَارَةَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَقَامَيْنِ كَالْأُخْرَى وَعَلَى كُلٍّ يُقَالُ عَلَى الشَّارِحِ لَيْسَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَقَامَيْنِ ذِكْرُ الْمُوَاظَبَةِ الْمُدَّعَاةِ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ. . . إلَخْ) وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَآهَا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعَشْرِ لَا يُسَنُّ لَهُ قِيَامُ بَقِيَّتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُسَنُّ قِيَامُ اللَّيَالِي الْمَذْكُورَاتِ مُطْلَقًا وَإِنْ رَآهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ. عَبْدُ رَبِّهِ وَوَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ هَذِهِ الْحِكْمَةَ إنَّمَا تَتَأَتَّى عَلَى مُخْتَارِ الْإِمَامِ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَهُوَ قَوْلٌ مِنْ جُمْلَةِ ثَلَاثِينَ قَوْلًا لِلْعُلَمَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَقَالُوا أَيْ الْأَصْحَابُ فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّبَرِّي أَوْ يُقَالُ هُوَ مُرَادُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ لِأَجْلِ مَزِيَّةِ الْوَقْتِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا وَاظَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَلِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهَذَا أَوْلَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْحُكْمِ وَلَيْلَةُ الْفَصْلِ وَقِيلَ لِعِظَمِ قَدْرِهَا اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ وَأَمَّا مَا يَقَعُ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ إنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْكِتَابَةِ فِيهَا وَتَمَامَ الْكِتَابَةِ وَتَسْلِيمَ الصُّحُفِ لِأَرْبَابِهَا إنَّمَا هُوَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِشَرَفِهَا وَعُلُوِّ قَدْرِهَا أَوْ لِتَقْدِيرِ الْأُمُورِ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤] وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَضِيقُ بِالْمَلَائِكَةِ فِيهَا وَذَهَبَ عِكْرِمَةُ إلَى أَنَّ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَتُرَى حَقِيقَةً وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا؛ لِأَنَّ رُؤْيَتَهَا كَرَامَةٌ، وَالْكَرَامَةُ يُسَنُّ إخْفَاؤُهَا وَقَدْ رَأَيْنَاهَا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ويُنْدَبُ إحْيَاؤُهَا بِالصَّلَاةِ، وَالْقِرَاءَةِ وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْعِيدِ وَيَتَأَكَّدُ فِيهَا: اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، وَيَحْصُلُ فَضْلُهَا لِمَنْ أَحْيَاهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا وَنَفْيُهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ كَمَا حُمِلَ رَفْعُهَا عَلَى رَفْعِ عَيْنِهَا وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أَخَذَ حَظَّهُ مِنْهَا وَمِنْ عَلَامَاتِهَا عَدَمُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِيهَا وَيُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِهَا وَكَثْرَةُ الْعِبَادَةِ فِيهِ انْتَهَتْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَاَلَّتِي فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إجْمَاعًا وَتُرَى حَقِيقَةً فَيَتَأَكَّدُ طَلَبُهَا، وَالِاجْتِهَادُ فِي إدْرَاكِهَا كُلَّ عَامِ وَإِحْيَاءُ لَيْلِهَا كُلِّهِ بِالْعِبَادَةِ، وَالدُّعَاءِ وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهَا فِي خَبَرِ «فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ» رَفْعُ عِلْمِ عَيْنِهَا وَإِلَّا لَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِالْتِمَاسِهَا وَمَعْنَى عَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ أَيْ لِتَرْغَبُوا فِي طَلَبِهَا، وَالِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ اللَّيَالِيَ، وَلْيُكْثِرْ فِيهَا وَفِي يَوْمِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ بِالْإِخْلَاصِ وَصِحَّةِ يَقِينٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا» وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا أَنْ يَكْتُمَهَا وَمَا نُقِلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute