وَلَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ، وَالرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَالسَّيِّدِ.
(وَ) ثَانِيهَا (مَسْجِدٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ هُيِّئَ لِلصَّلَاةِ
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ غَيْرِ نَذْرِ تَتَابُعٍ إذَا خَرَجَ لِلتَّبَرُّزِ وَفِي التَّقْيِيدِ بِهَا مُتَتَابِعَةً إذَا خَرَجَ لِمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ تَبْقَ النِّيَّةُ بِأَنْ وَجَبَ تَجْدِيدُهَا لَا يَكُونُ مُعْتَكِفًا حُكْمًا وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ الْإِطْلَاقُ بِلَا عَزْمِ الْعَوْدِ، وَالتَّقْيِيدُ وَقَدْ خَرَجَ لِغَيْرِ تَبَرُّزٍ، وَالتَّقْيِيدُ مَعَ التَّتَابُعِ وَقَدْ خَرَجَ لِعُذْرٍ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ. . إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ ذِكْرُهُمَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي النِّيَّةِ، وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُمَا فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمُعْتَكِفُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذِكْرَهُمَا هُنَا لِبَيَانِ أَنَّ صِحَّةَ النِّيَّةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ طَاعَةً بَلْ تَصِحُّ وَلَوْ عَصَى بِهِ كَالْمَرْأَةِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ، وَالرَّقِيقُ كَذَلِكَ فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالنِّيَّةِ وَبِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِاسْتِحْبَابِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ تُسْتَحَبُّ نِيَّتُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَّا الْمَرْأَةُ، وَالْعَبْدُ فَبَعْدَ الْإِذْنِ لَهُمَا فَتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ، وَالْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ) كَصِيَامِهِمْ (لَكِنْ يُكْرَهُ لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ) كَمَا فِي خُرُوجِهِنَّ لِلْجَمَاعَةِ (وَيَحْرُمُ) اعْتِكَافُ الْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ (بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ، وَالتَّمَتُّعَ مُسْتَحَقٌّ لِلزَّوْجِ وَلِأَنَّ حَقَّهُمَا عَلَى الْفَوْرِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، نَعَمْ إنْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِمَا مَنْفَعَةً كَأَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ بِإِذْنِهِمَا فَنَوَيَا الِاعْتِكَافَ فَلَا رَيْبَ فِي جَوَازِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ نَذَرَ الْعَبْدُ اعْتِكَافَ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِبَيْعٍ أَوْ وَصِيَّةِ أَوْ إرْثٍ فَلَهُ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحَقًّا قَبْلَ تَمَلُّكِهِ وَمِثْلُهُ الزَّوْجَةُ وَإِذَا اعْتَكَفَا (فَلَهُمَا إخْرَاجُهُمَا مِنْ التَّطَوُّعِ) وَإِنْ اعْتَكَفَا بِإِذْنِهِمَا لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ (وَكَذَا) لَهُمَا إخْرَاجُهُمَا (مِنْ النَّذْرِ إلَّا إنْ أَذِنَا فِيهِ وَفِي الشُّرُوعِ) فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ مُعَيَّنًا وَلَا مُتَتَابِعًا (أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ) أَيْ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ (مُعَيَّنٌ وَكَذَا) إنْ أَذِنَا (فِي الشُّرُوعِ) فِيهِ (فَقَطْ وَهُوَ مُتَتَابِعٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنُهُ مُعَيَّنًا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إخْرَاجُهُمَا فِي الْجَمِيعِ لِإِذْنِهِمَا فِي الشُّرُوعِ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إذْنٌ فِي الشُّرُوعِ فِيهِ، وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، وَالْمُتَتَابِعُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ بِلَا عُذْرٍ (وَلَوْ اعْتَكَفَ الْمُكَاتَبُ بِلَا إذْنٍ جَازَ) إذْ لَا حَقَّ لِسَيِّدِهِ فِي مَنْفَعَتِهِ كَالْحُرِّ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ قَالَ وَصَوَّرَهُ أَصْحَابُنَا بِمَا لَا يُخِلُّ بِكَسْبِهِ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ أَوْ لِإِمْكَانِ كَسْبِهِ فِي الْمَسْجِدِ كَالْخِيَاطَةِ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَالْقِنِّ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً) وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَمَسْجِدٌ) أَيْ سَوَاءٌ سَطْحُهُ وَجِدَارُهُ وَرَوْشَنُهُ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ وَرَحْبَتِهِ الْقَدِيمَةِ وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا مِنْ نَحْوِ سَابَاطٍ وَيَصِحُّ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ خَارِجٍ عَنْهُ وَأَصْلُهَا فِيهِ كَعَكْسِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا أَرْضُهُ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُحْتَكَرَةٌ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ إذْ الْمَسْجِدُ مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ دُونَهَا نَعَمْ إنْ بَنَى فِيهَا نَحْوَ دِكَّةٍ أَوْ مَسْطَبَةٍ وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا صَحَّ فِيهَا لِقَوْلِهِمْ يَصِحُّ وَقْفُ السُّفْلِ دُونَ الْعُلُوِّ وَعَكْسُهُ وَهَذَا مِنْهُ وَكَذَا مَنْقُولٌ أَثْبَتَهُ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا ثُمَّ نَزَعَهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسْجِدِيَّةِ اجْتَهَدَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَقَوْلُهُ: نَحْوُ دِكَّةٍ أَوْ مِصْطَبَةٍ أَيْ أَوْ سَمَرٌ فِيهَا دِكَّةٌ أَوْ نَحْوُ سَجَّادَةٍ اهـ. م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ صِحَّةُ وَقْفِ الْعُلُوِّ وَمِنْهُ الْخَلَاوِيُّ، وَالْبُيُوتُ الَّتِي تُوجَدُ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ لِلْإِمَامِ وَنَحْوِهِ وَيَسْكُنُونَ فِيهَا بِزَوْجَاتِهِمْ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ مَا عَدَاهَا مَسْجِدًا جَازَ الْمُكْثُ فِيهَا مَعَ الْحَيْضِ، وَالْجَنَابَةِ، وَالْجِمَاعِ فِيهَا وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَسْجِدِيَّةُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمَسْجِدٌ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّتِهِ فِيمَا وُقِفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَرْضُهُ مُسْتَأْجَرَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ صَحَّتْ فِيمَا وُقِفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا التَّعْظِيمُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَأَيْضًا صِحَّةُ الصَّلَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَسْجِدِيَّةِ بِخِلَافِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ اعْتَكَفَ فِيمَا ظَنَّهُ مَسْجِدًا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ أَجْرُ قَصْدِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَإِلَّا فَأَجْرُ قَصْدِهِ فَقَطْ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ هُيِّئَ لِلصَّلَاةِ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْقَائِلِ إنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هَيَّأَتْهُ فِي بَيْتِهَا لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ بِخِلَافِهِمَا. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ لِانْتِفَاءِ الْمَسْجِدِيَّةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَغْيِيرِهِ وَمُكْثِ الْجُنُبِ فِيهِ وَلِأَنَّ نِسَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -