بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَةِ نُسُكِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ) صَرْفُهُ فِي دَيْنِهِ وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ؛ لِأَنَّهُمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْحَاجَةَ لِلنِّكَاحِ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لِخَائِفِ الْعَنَتِ تَقْدِيمُ النِّكَاحِ وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمُ النُّسُكِ.
(وَ) ثَالِثُهَا (أَمْنُ طَرِيقٍ) وَلَوْ ظَنًّا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ (نَفْسًا وَبَضْعًا) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمَالًا) وَلَوْ يَسِيرًا فَلَوْ خَافَ سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رصديا وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ أَيْ يَرْقُبُ مَنْ يَمُرُّ لِيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا لَهُ وَلَا طَرِيقَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ سَوَاءٌ أَكَانُوا مُسْلِمِينَ أَمْ كُفَّارًا لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقَ الْخَائِفُونَ مُقَاوَمَتَهُمْ سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلنُّسُكِ وَيُقَاتِلُوهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ (وَيَلْزَمُ رُكُوبُ بَحْرٍ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى الْمَدِينِ النُّزُولُ عَنْ وَظَائِفِهِ بِعِوَضٍ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا هِيَ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ وَظَائِفُ أَمْكَنَهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَا يَكْفِيهِ لِلْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا هِيَ وَفِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ رَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ وَظَائِفُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَالٍ لِلْحَجِّ الْجَوَابُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ بَيْعِ الضَّيْعَةِ الْمُعَدَّةِ لِلنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ، وَالنُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ إنْ صَحَّحْنَاهُ مِثْلُ التَّبَرُّعَاتِ اهـ. سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ م ر وَمِثْلُ الْوَظَائِفِ الْجَوَامِكُ، وَالْمَحِلَّاتُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ إذَا انْحَصَرَ الْوَقْفُ فِيهِ وَكَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ فَيُكَلَّفُ إيجَارَهُ مُدَّةً تَفِي بِمُؤَنِ الْحَجِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَظَاهِرُهُ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الشَّعَائِرُ بِنُزُولِهِ عَنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ عِبَادَةِ غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ. . . إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ بَعْدُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً) الذَّخِيرَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَاحِدَةُ الذَّخَائِرِ وَفِعْلُهُ ذَخَرَ يَذْخَرُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا ذُخْرًا بِالضَّمِّ اهـ. مُخْتَارٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةَ الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ، وَالْحَجُّ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْمُسْتَقْبِلَاتِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ نَظَرَ لَهَا فَقَالَ لَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لَهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ بِحَالٍ لَا سِيَّمَا، وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي اهـ. شَرْحُ حَجّ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ النِّكَاحِ) فَلَوْ قَدَّمَهُ وَلَمْ يَحُجَّ وَمَاتَ اسْتَقَرَّ الْحَجُّ عَلَيْهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ خِلَافًا لحج اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: تَقْدِيمُ النُّسُكِ وَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَهُ كَانَ عَاصِيًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ. اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَمَعَ أَمْنٍ لَائِقٍ بِالسَّفَرِ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَالًا وَلَوْ يَسِيرًا) نَعَمْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا تَقْيِيدُهُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلنَّفَقَةِ وَالْمُؤَنِ فَلَوْ أَرَادَ اسْتِصْحَابَ مَالٍ خَطِيرٍ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ فِي بَلَدِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ خَافَ عَلَى بُضْعِ حَلِيلَتِهِ فِي الْبَلَدِ لَوْ سَافَرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ بِخِلَافِ الْمَالِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهَا تَسْتَغِيثُ فَتُسْتَنْقَذُ بِخِلَافِ الْمَالِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَافَ. . . إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَوْفِ الْعَامِّ، وَالْخَاصِّ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ. . . إلَخْ) فِي الْمُخْتَارِ الرَّاصِدُ لِلشَّيْءِ الرَّاقِبُ لَهُ وَبَابُهُ نَصَرَ وَرَصَدَ أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ، وَالتَّرَصُّدُ التَّرَقُّبُ، وَالرَّصَدُ أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ الْقَوْمُ يَرْصُدُونَ كَالْحِرْصِ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ، وَالْجَمْعُ، وَالْمُؤَنَّثُ وَرُبَّمَا قَالُوا إرْصَادٌ، وَالْمَرْصَدُ بِوَزْنِ الْمَذْهَبِ مَوْضِعُ الرَّصَدِ وَأَرْصُدُهُ لِكَذَا أُعِدُّهُ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرَهُ) أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ آمِنٌ فَيَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ) حَتَّى لَوْ انْدَفَعَ الرَّصَدِيُّ بِمَالِ طَلَبِهِ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ الَّذِي يَطْلُبُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَجَبَ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاعْتَمَدَهُ م ر لِضَعْفِ الْمِنَّةِ بِبَذْلِهِ عَنْ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّ الْمِنَّةَ إنَّمَا تَكُونُ بِأَخْذِ الْمَالِ وَهُوَ مُنْتَفٍ نَعَمْ إنْ دَفَعَهُ عَنْ هَذَا الشَّخْصِ بِخُصُوصِهِ لَمْ يَجِبْ قَالَهُ م ر هَذَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَدَمَ الْوُجُوبِ إذَا كَانَ الْبَاذِلُ أَحَدَ الرَّعِيَّةِ مُطْلَقًا اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ) أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ إذْ لَا حَاجَةَ لِارْتِكَابِ الذُّلِّ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ التَّحَلُّلِ فَعُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةَ هُنَا لَا يُنَافِي تَخْصِيصَهُمَا لَهُمَا بِالْكَافِرِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَهَذَا قَبْلَهُ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقَ الْخَائِفُونَ. . . إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْبُرُوا بِلَادَنَا أَمَّا إذَا عَبَرُوهَا فَتَجِبُ مُقَاتَلَتُهُمْ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ لَا جَرَمَ عَلَّلَ حَجّ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحُجَّاجِ عَدَمُ اجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ وَضَعْفُ جَانِبِهِمْ فَلَوْ كُلِّفُوا الْوُقُوفَ لَهُمْ كَانُوا طُعْمَةً لَهُمْ وَذَلِكَ يَبْعُدُ وُجُوبُهُ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلنُّسُكِ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْفَرْضَ تَامٌّ بِغَيْرِهِمْ أَوْ السُّنَّةُ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعُ بَيْنَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ رُكُوبُ بَحْرٍ) بِسُكُونِ الْحَاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا أَيْ يَلْزَمُ الرَّجُلَ وَلَوْ جَبَانًا، وَالْمَرْأَةَ إنْ وَجَدَتْ لَهَا مَحِلًّا تَنْعَزِلُ فِيهِ عَنْ الرِّجَالِ وَخَرَجَ بِالْبَحْرِ أَيْ الْمِلْحِ إذْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَسَيْحُونَ وَجَيْحُونَ، وَالدِّجْلَةِ فَيَجِبُ رُكُوبُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَخَطَرُهَا لَا يَعْظُمُ وَلَا فَرْقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute