المقدسة عندهم:"الله محبة" ومحبة الله ظهرت في تدبيره طريق الخلاص للعالم، لأن العالم من عهد سقوط آدم في الخطيئة، وهبوطه هو وبنيه إلى الدنيا، مبتعد عن الله بسبب تلك الخطيئة، ولكن الله من فرط محبته وفيض نعمته رأى أن يقربه إليه بعد هذا الابتعاد، فأرسل لهذه الغاية ابنه الوحيد إلى العالم، ليخلص العالم، وقد جاء في إنجيل لوقا:"وإن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب، ويخلص ما قد هلك" فبمحبته ورحمته قد صنع طريقاً للخلاص، لهذا كان المسيح هو الذي يكفر عن خطايا العالم، وهو الوسيط الذي وفق بين محبة الله تعالى، وبين عدله ورحمته، إذ أن مقتضى العدل أن الناس كانوا يستمرون في الابتعاد عن الله بسبب ما اقترف أبوهم، ولكن باقتران العدل بالرحمة، وبتوسط الابن الوحيد وقبوله للتكفير عن خطايا الخلق قرب الناس من الرب بعد الابتعاد، وقد كان التكفير الذي قام به المسيح هو الصلب، لهذا صلب، ورضي الله عن صلبه، وهو ابنه، ودفن بعد الصلب، ولكنه قام بعد ثلاثة أيام من قبره، ويقولون إنه كان قد أنبا بذلك قبل صلبه.
جاء في إنجيل متى في الفقرة التي بعد بيان الصلب:"اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون إلى بيلاطس قائلين: يا سيد، قد تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حي: إني بعد ثلاثة أيام أقوم، فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث، لئلا يأتي تلاميذه ليلاً، ويسرقوه، ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى، فقال لهم بيلاطس: عندكم حراس، اذهبوا، واضبطوه كما تعلمون، فمضوا وضبطوا القبر بيد أن ظهوره كان من بين تلاميذه.
وقد قام من القبر بعد ثلاثة أيام كما ذكرت أناجيلهم، ولكنها اختلفت في تفصيل القيام، فمتى ذكر إنه ظهر في الجليل، ولوقا ذكر إنه ظهر في أورشليم، ويوحنا ذكر إنه ظهر في اليهودية والجليل معاً، ومرقس بين أن ظهوره بين تلاميذه.
وقد ذكر القس إبراهيم سعيد توفيقاً بين هذا الاختلاف فقال: "أجمع البشيرون الأربعة على تقرير هذه الحقيقة. ليس المسيح في القبر، لأنه قام كما قال، لكن كلاً منهم كتب عن القيامة وظهور المسيح للتلاميذ من وجهة نظره الخاصة، متى كتب عن ظهور المسيح في الجليل، لأنه كتب