والأربعين والرابع والأربعين كلاماً وافياً في التبشير بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لأن التلاميذ طلبوا من المسيح عليه السلام أن يصرح لهم به. فصرح بما يطن حقيقته، ويبين ما له من شأن.
(الأمر الرابع) : أن هذا الإنجيل يبين أن المسيح عليه السلام لم يصلب، ولكن شبه لهم. فألقى الله شبهه على يهوذا الأسخريوطي، ويقول في ذلك برنابا:"الحق أقول أن صوت يهوذا، ووجهه، وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن أعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة إنه يسوع، كذلك خرج بعضهم من تعاليم يسوع، معتقدين أن يسوع كان نبياً كاذباً، وإنما الآيات التي فعلها بصناعة السحر، لأن يسوع قال إنه لا يموت إلى وشك انقضاء العالم، لأنه سيؤخذ في ذلك الوقت من العالم".
ثم يبين أن يسوع طلب إلى الله أن ينزل إلى الأرض بعد رفعه ليرى أمه وتلاميذه، فنزل ثلاثة أيام.
ثم يقول:"ووبخ كثيرين ممن اعتقدوا إنه مات" وقام قائلاً: "أتحسبونني أنا والله كاذبون، لأن الله وهبني أن أعيش، حتى قبيل انقضاء العالم، كما قد قلت لكم، الحق أقول لكم إني لم أمت، بل يهوذا الخائن، احذروا، لأن الشيطان سيحاول جهده أن يخدعكم، ولكن كونوا شهودي في كل إسرائيل، وفي العالم كله، لكل الأشياء التي رأيتموها وسمعتموها".
٤٣- هذا هو إنجيل برنابا، وما خالف فيه بقية الأناجيل من مسائل جوهرية، وفي الحق إنه خالف المسيحية القائمة في خصائصها التي امتازت بها فإن تلك المسيحية امتازت بالتثليث، وبنوة المسيح وألوهيته، وكان هذا شعارها الذي بها تعرف، وعلامتها التي بها تتميز، وقد خالف كل هذا، وإذا كانت مخالفته للمسيحية القائمة في ذلك الأمر الجوهري ثابتة - وهو ينسب إلى قديس من قديسيهم - فقد كان من الحق إذن أن يحدث ظهوره وكشفه بين ظهراني المسيحيين في مكاتب من لا يتهمون بالكيد للمسيحية، ومن لا يتهمون بأنهم لا يرجون لها وقاراً - رجة فكرية عنيفة، اهتزت بسببها المشاعر والمنازع، فالكنيسة والمتعصبون من المسيحيين يرفضونه رفضاً باتاً، مادام قد أتى بما لا يعرفونه هم،