للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأموال, ولم يجد المقلّد من يروي له مذهب إمامه, ولا العامّي من يفتيه, ولا الحاكم من يقيم له الشّهادة, ولا وجد صاحب الولاية من يصلح للقضاء, ولا وجد أهل عقد النّكاح من يشهد بينهم.

فإنّ أهل الورع الشّحيح ورياضة النّفوس على دقائق المراقبة أعزّ من العَيُّوق (١) ملمساً, ومن الكبريت الأحمر وجوداً, فإن وجدتهم لم تجدهم أهل التدريس والفتوى والشهادة بين أهل اللّجاج والحضور عند أهل الخصومات, وإذا تأمّلت وجدت السّالم من جميع المعاصي من أهل الفتوى والتّدريس عديم الوجود.

فمن منهم الذي لا يسمع منه غيبة أحد, ولا يداهن على مثل ذلك [أحد] (٢) , ويصدع بمرّ الحقّ في كلّ موقف, ولا تأخذه في الله لومة لائم, ولا يتخلّف عن إنكار منكر يجب إنكاره, ولا يتثاقل عن أداء واجب عليه لعدوّ, ولا يترخّص إن وجب عليه عداوة صديق, ولا يلين بالمداهنة لأمير, ولا يتكبر على فقير!!.

ولسنا نعتقد أنّ أهل هذه الصّفة غير موجودين, ولكن نعتقد أنّهم غير كافين للمسلمين في التّعليم والرّواية والقضاء والشّهادة, ومن أين لكلّ عاقد نكاح وبايع حقّ شاهدان كذلك؟ ومن أين لكلّ طالب علم من جميع طلبة الفنون, وكلّ طالب فتوى في جميع الأقطار من هو كذلك؟!!.


(١) العيّوق: نجم أحمر مضيء في طرف المجرّة الأيمن, يتلو الثريّا لا يتقدّمها. قاله في ((القاموس)): (ص/١١٧٩).
(٢) من (ي) و (س).