للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الله بن زيد في ((الدّرر المنظومة)): ((لا خلاف أنّه متى عرف خطّه أو خطّ أستاذه, وعلم أنّه لا يكتب إلاّ ما سمعه قبلت روايته, وإنّما اختلفوا إذا ظنّ أنّه خطّه أو خطّ أستاذه فمذهبناً أنّه تقبل روايته, وهو مذهب طائفة من العلماء)) , واحتجّ بعمل النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك, وكذلك الصحابة.

وبهذا الوجه العاشر نجيب على من يجيز خلوّ الزّمان من المجتهدين مع بقاء الأمّة على الهدى, محتجّاً بأنّ طلب الاجتهاد -وإن كان فرض كفاية- فقد سقط عنهم بموت العلماء, فلا يكونون (١) مجتمعين على ضلالة, وكيف يصح هذا العذر وقد استنبط الأوائل العربيّة و [الأصلين] (٢) من غير شيوخ, فالحال في هذه الفنون واحدة. بل هي اليوم أيسر قطعاً, كيف لا وقد قطع النّقاد أعمارهم في فنون كثيرة في تسهيل صعبها (٣) , وإيضاح غامضها وجمع متفرّقها؟! وقد أمكن استنباطها قبل ذلك, فكيف بعده؟! وأمّا علوم السّماع فهي أسهل العلوم على مريدها, وإنّما تسهّلت وتمهّدت في هذه الأعصار الأخيرة (٤).


(١) في (س): ((يكونوا))!.
(٢) في (أ) و (ي): ((الأصوليين)) , والتصويب من (س).
(٣) في (س): ((صنعتها))!؟
(٤) في هامش (أ) و (ي) كتب ما نصه:
((قوله: في هذه الأعصار الأخيرة؛ لأن الأولين ما كان يجتمع لهم الحديث إلا بالرحلة في السماع, ثم صنفت المسانيد المطولة بشواهدها ومتابعات حديثها, فجاء من بعدهم فحذفوا الشواهد والمتابعات, وأتوا بالأسانيد, فجاء من بعدهم فحذفوا الأسانيد واكتفوا بنسبة الحديث إلى أمهاته, فجاء من بعدهم فحذفوا حتى الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره, وجعلوها متوناّ, واكتفوا بالرموز, كما فعل السيوطي. وهذا الغاية في التقريب, ذكر نحوه صاحب ((المنار)) المقبليّ -رحمه الله تعالى-.
ومنهم من أفرد الصحيح, ومنهم من جمع الأطراف, ومنهم من جمع الحديث, وبيّن صحيحه وسقيمه, كصاحب ((التخليص)) وغيره. تمت مولانا العلاّمة أحمد بن عبد الله الجنداري -رحمه الله-))