ويؤخذ به في الفضائل, فلا يخلو المعترض إمّا أن يريد أنّ المردود والمعلول في القسمين الأخيرين؛ فذلك مسلّم ولا خلاف فيه, أو يريد أنّه في القسم الأوّل؛ فذلك ممنوع, لأنّ المخالف إمّا أن يقرّ بورود التّعبّد بأخبار الآحاد, أو لا:
إن لم يقرّ بذلك فليس ينبغي أن يراجع في هذا المقام, لأنّه فرع لذلك الأصل, ومن جحد الأصل لم يراجع في الفرع.
وإن أقرّ بورود التّعبّد بأخبار الآحاد والعمل فيها بأقوى الظّنون /فلا يخلو: إمّا أن يقرّ أنّ أهل كلّ فنّ أعرف به, وأنّ المرجع في كلّ فنّ إلى أهله أو لا؛ إن لم يعترف بذلك؛ فهو معاند غير مستحق للمناظرة؛ لأنّ المعلوم من الفرق الإسلامية على اختلاف طبقاتها: الاحتجاج في كلّ فنّ بكلام أهله, ولو لم يرجعوا إلى ذلك لبطلت العلوم, لأنّ غير أهل الفنّ إمّا ألا يتكلموا فيه بشيء البتّة أو يتكلموا فيه بما لا يكفي ولا يشفي, ألا ترى أنّك لو رجعت في تفسير غريب القرآن والسّنّة إلى القرّاء, وفي القراءات إلى أهل اللّغة, وهي المعاني والبيان والنّحو إلى أهل الحديث, وفي علم الإسناد وعلل الحديث إلى المتكلمين, وأمثال ذلك لبطلت العلوم, وانطمست منها المعالم والرّسوم, وعكسنا المعقول, وخالفنا ما عليه أهل الإسلام.
وإن اعترف المعترض بالحقّ, وأقرّ أنّ كلام أهل كلّ فنّ مقدّم في فنّهم على غيرهم, معتمد فيه على تحقيقهم, فلا شكّ أنّه قد اشتهر عند كل منصف ما لأهل الحديث من العناية التّامّة في معرفته, والبحث عن علله ورجاله وطرقه, والاختلاف الكثير الواقع بينهم كثير منه,