للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدّال على عدم تقليد بعضهم في الحديث لبعض, وعدم المتابعة لمجرّد (١) العصبيّة, بحيث لو كانوا في القلّة في حدّ يمكن تواطؤهم على التّعصّب؛ لوجب ترجيح كلامهم, وقبول قولهم في فنّهم, كيف وهم من الكثرة في حدّ لا يمكن معه تواطؤهم على ذلك؛ لاختلاف أزمانهم وبلدانهم وأغراضهم وأديانهم! ومع ذلك فقد اشتهر عن أئمتهم القول بصحّة مسند ((صحيحي البخاري ومسلم)) , وادّعى غير واحد من ثقاتهم انعقاد الإجماع على ذلك؛ وخبر الثّقة في رواية الإجماع واجب القبول, كما هو المنصور المصحّح في موضعه من كتب الأصول (٢).

وعلى تسليم أنّه ليس بمقبول (٣) , وأنّ ذلك الإجماع غير صحيح؛ فلا أقلّ من أن يكون ما ادّعي الإجماع على صحّته قول جماهير نقاد علم الحديث, وأئمة فرسان علم الأثر, وهذا من أعظم وجوه التّراجيح, بل أئمة علماء الأصول, والغوّاص على الدقائق والحقائق من أهل علوم المعقول, يقضون بوجوب التّرجيح بأخفّ أمارة, وأخفى دلالة تثير أقلّ الظّنّ, وتثمر يسير القوّة, فكيف بما نقّحه, وصحّحه (٤) إمام الحفّاظ الثّقات, والنّقّاد الأثبات: محمد بن إسماعيل البخاري, ومسلم بن الحجّاج النّيسابوريّ, وانتقياه من ألوف أحاديث صحاح, مع تواتر إمامتهما وأمانتهما ونقدهما ومعرفتهما,


(١) في (س): ((مجرّد))!.
(٢) انظر: ((الإحكام)): (١/ ٢١٢) للآمدي, ((شرح الكوكب)): (٢/ ٢٢٤).
(٣) في (س): ((بمنقول))!.
(٤) في (س): ((ووضّحه))!.