للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثّاني: أنّا قد بيّنّا أنّ الزّيديّة أحوج النّاس إلى قبول المبتدعة, وأنّ مدار حديثهم على ما يخالفهم, وأنّ كثيراً من أئمتهم نصّوا على قبول كفّار التّأويل وادّعوا الإجماع على ذلك, وأن بقيّة الزّيديّة يقبلون مراسيل أولئك الأئمة؛ كالمنصور, والمؤيّد, والإمام يحيى بن حمزة, والقاضي زيد, وعبد الله بن زيد وغيرهم.

الوجه الثّالث: أنّ أهل الحديث لو سلّموا لك هذه المقدّمة -وهي أنّ حديث غير المبتدع مقدّم على حديث المبتدع- لم تكن منتجة لمقصودك حتّى يضم إليها مقدّمة أخرى, وهي: أنّ أهل الحديث هم المبتدعة, ولا شكّ أنّ هذه المقدّمة التي تركتها غير ضروريّة, وقد أجمع أهل البرهان على أنّ إحدى المقدّمتين لا تحذف إلا لجلائها وعدم التّنازع فيها, فكيف تركت محلّ النّزاع مع دعواك أنّك أوحد أهل الزّمان في علم البرهان, وليس كونك من أهل الحقّ يصلح عذراً لك من إظهار البراهين قال الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُم صَادِقِينَ} [البقرة:١١١].

قال: لأنّ رواية غيرهم لا تخلو من ضعف, وإنّما تقبل عند عدم المعارض -يعني رواية غير أئمة الزّيديّة-.

أقول: هذا قصر للعدالة على أئمة الزّيديّة الذين ادّعوا الخلافة (١) , وهذا غلوّ لم يسبق إليه, بل هذيان لا يعوّل عليه, ولو كان


(١) في هامش (أ) و (ي) كتب:
((الذي يظهر أنّه ما عنى بالأئمة الخلفاء, بل علماء الزّيديّة, كما يقول القائل: أئمة الحديث, وأئمة الأصول. تمت شيخنا حفظه الله)) اهـ.