للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤدّي إلى جواز تقليد من يقول: إنّ التّقليد غير جائز, وتقليد من يقول: إنّ الاجتهاد غير واجب, إمّا لأنّ في النّاس من هو قائم بفرضه, أو لأنّه قد عدم العلماء فتعذّر التعليم وسقط الوجوب.

فإن قيل: /ليس له أن يقلّد من يقول بسقوط التّقليد, وسقوط الاجتهاد, وإنّما يجوز له تقليد أحدهما؛ لأنّ المسقط للتّقليد يقول بوجوب الاجتهاد, والمسقط للاجتهاد يوجب التّقليد.

قلنا: قد قال بجواز مثل هذه الصورة في التّقليد بعض العلماء, فإذا [جاز] (١) التّقليد مطلقاً جاز مثل هذا التّقليد, وهذا كلّه يؤدّي إلى تمكّن العامّيّ من عدم وجوب الرجوع إلى العلماء. لكن المعلوم وجوب ذلك على العوامّ من إجماع الصّحابة؛ فبطل ما أدّى إلى مخالفة إجماعهم.

الوجه الثّاني: أنّ الأدلّة على جواز التّقليد غير عامّة لهذه الصّورة ولا متناولة لها, أمّا قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُم لاَ تَعلَمُونَ} [الأنبياء:٧]. فلما تقدّم (٢) , وأمّا إجماع الصّحابة على تقرير العوامّ على التّقليد فلأنّه إجماع فعلي لا لفظي, والأفعال لا عموم لها, وهذه الصّورة لم تقع في زمانهم ولم تشتهر ويجمعوا على جوازها, فإنّه لم يعلم أنّ أحداً من طلبة العلم في زمنهم قلّد في مسألة يحفظ فيها حديثاً صحيحاً مخالفاً لما هو عليه, وأنّهم علموا (٣)


(١) في (أ): ((أجاز)).
(٢) (١/ ٧٤ - وما بعدها).
(٣) في (س): ((وعملوا))! في الموضعين.