حكم سائر المسلمين, فلما /كان الأمر كذلك, ولم يرد في حكمهم قبل النبوّة نصّ يرجع إليه, ولا إجماع يعتمد عليه ذهب القاضي أبو بكر الباقلاني, وكثير من الأشعرية وكثير من المعتزلة: إلى أنّه لا دليل قاطع يدلّ على عصمتهم -عليهم السّلام- قبل النّبوّة, مع اعترافهم أنّ الأنبياء -عليهم السّلام-[كانوا](١) قبل النّبوّة في أرفع مراتب الفضل والكمال لكن قالوا: إنّ ذلك كان منهم كما كان من أفاضل المسلمين من غير دليل قاطع يدلّ على العصمة. وهذا القول -مع بعد أهل الحديث عنه لتعلّقه بعلم الكلام الذي لا يخوضون فيه- قول بعيد عمّا اجترأ المعترض بنسبته إلى أهل الحديث لوجهين:
الوجه الأول: أنّ من جوّز على الأنبياء -عليهم السّلام- شيئاً قبل النّبوّة لم يجز أن ينسب إليه القول بذلك بعد النّبوّة, ولو ساغ ذلك لجاز أن ينسب إلى المعتزلة والزّيديّة أنّ كلام الأنبياء غير حجّة, والإيمان بهم غير واجب, لأنّ هذا هو حكم الأنبياء عندهم قبل النّبوّة, بل كان يلزم أن يجوز نسبة هذا إلى جميع المسلمين.
الوجه الثاني: أنّ هؤلاء الذين جوّزوا هذا من متكلّمي المعتزلة والأشعرية لم يقولوا بوقوعه, بل هم معترفون أنّ الواقع خلافه, وأنّ الأنبياء -عليهم السّلام- كانوا قبل النّبوّة وبعدها من أعظم الخلق أمانة, وأحسنهم ديانة, وأطيبهم أعرافاً, وأكرمهم أخلاقاً.
وفرق بين القول بأنّ الأنبياء قبل النّبوّة كانوا من الفضلاء الصّالحين, لكنّهم كانوا غير معصومين, وبين القول بأنّهم كانوا قبل