النّبوّة غير معصومين, ولا صالحين, فإنّ القول بعدم العصمة مع الاعتراف بالفضل والصّلاح لا يستلزم الاستهانة, ألا ترى أنّ جميع الأئمة والأولياء عند الجميع غير معصومين من الكبائر, مع أنّهم عندنا في أعلى مراتب الصّلاح, فليس يلحق: إبراهيم بن أدهم, وأويساً القرني, أمثالهم نقص ولا استهانة منّا حين لم نعتقد عصمتهم.
وليس يظهر للخلاف فائدة تحقيقية, ولكن تقديريّة, وهو: أنّه لو فرض وقوع كبيرة من بعض الأنبياء -عليهم السّلام- قبل النّبوّة لوجب الكفر [بنبوّتهم] (١) عند أكثر المعتزلة, ولم يجب عند الأشعرية, وكثير من المعتزلة, وهذا لا يلزم القائلين بعدم العصمة للأنبياء قبل النبوة كفراً أبداً, لأنّهم آمنوا بالأنبياء سواء كانوا معصومين /قبل النّبوّة أو لا, وأمّا القائلون بالقطع بعصمة الأنبياءقبل النّبوّة؛ فعلى تقدير أنّ الأنبياء غير معصومين قبل النّبوّة, فقد كفروا بهم كفراً مشروطاً, ففي قولهم كفر مشروط بشرط لا يقع عندهم, وفي قول الفريق الأوّل إيمان مقطوع, فما سبب التشنيع عليهم, والتّقبيح لمذهبهم, مع عدم مخالفة النّصوص الشّرعية والأدلّة العقليّة الضّرورية, وعدم الإجماع على هذه المسألة الخفيّة النّظريّة؟!
والمختار أنّ الأنبياء -عليهم السّلام- معصومون قبل النّبوّة بدلائل ظنّيّة وبعدها بدلائل قطعية, بهذا يحصل الإيمان المقطوع ونسلم من الكفر المشروط, مع مراعاة بذل الجهد في تعظيم جناب النّبوّة, وتوفير أهلها, وإطلاق القول بعصمتهم قبلها وبعدها, وأمّا
(١) في (ي) و (س): ((بنبوّته)).