للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا قول مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: هذا الذي نزلت فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف:١٧]. فما أظنّ البخاري أورده إلا لبيان أثر عائشة الذي ردّت به عليه (١) , وإلا فهذا مرسل عند البخاري فإنّه نصّ على أنّ مروان لم ير النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع أنّه ليس تحته حكم شرعي, وأمّا عبد الرحمن بن الصّدّيق -رضي الله تعالى عنهما- فما يضرّه ذلك على تقدير صحّته فقد كان مشركاً بلا ريب, ولكنّه أسلم وآمن, والإسلام يجبّ ما قبله, وقد كان لأفاضل الصّحابة قبل الإسلام أفعال لا حاجة لذكر شيء منها, وإنّما هذا من جملة قبائح مروان, فالله المستعان.

واعلم أنّه لا يصحّ أن يعترض على المحدّثين حتّى يعلم أنّهم رووا عن مروان حديثاً في الحلال والحرام, وحكموا بصحّته, ولا طريق له عن سواه في الكتب السّتّة, ولا في غيرها, وبعد العلم بهذا يعترض عليهم بأنّهم خالفوا قواعدهم فقط, وأمّا مخالفة الإجماع فلا يصحّ الاعتراض عليهم بذلك, لوجه ليس هذا موضع ذكره.

ويلحق بهذا فائدة ينبغي ذكرها, وذلك أنّه قلّ ما عرض ذكر الحكم, ومروان بن الحكم إلا وعرض في الخاطر ذكر ما فعله عثمان


(١) البخاري ((الفتح)): (٨/ ٤٣٩).