قد طلّق حفصة, مع أنّ الطّلاق أبغض المباح إلى الله.
وكذلك قد ترك القسم لسودة لما كبرت, ووهبت نصيبها لعائشة, فدلّ على إباحة مثل ذلك دون استحبابه أو وجوبه.
وكذلك قد أمر بالاقتصاص له في مرضه ممن لدّه, ولا يدلّ ذلك على استحباب القصاص, وكراهة العفو, لأنّه - عليه السلام - لم يقصد التّقرّب بهذه الأفعال, ولا دلّت على ذلك القرائن.
فإذا تقرّر ذلك؛ فاعلم أنّه لا يدلّ دليل على أنّه - عليه السلام - طرد الحكم معتقداً لوجوب ذلك عليه, وعلى أمّته بل الظّاهر خلاف ذلك لوجوه:
الأول: أنّه - عليه السلام - لم يوجب ذلك, ولا أمر به, والبيان واجب عليه.
الثاني: أنّه لم يطرده من دار الإسلام, بل طرده من جواره فقط, وتركه في الطّائف مع المسلمين, وأمره - عليه السلام - نافذ في الطّائف.
الثالث: أنّه لم يخبر أهل الطّائف أنّه يحرم عليهم مجاورة الحكم, ويجب عليهم نفيه, وهم مسلمون ممتثلون لأوامره, وتقريره أحد الحجج.
الرّابع: أنّه لو وجب نفيه؛ لم يكن إلا لأجل فسقه أو كفره, ولا ذنب أكبر من الكفر, وقد ترك - عليه السلام - المنافقين واليهود في جواره, وأجمعت الأمّة على جواز إقرار اليهود بين المسلمين إلا في