للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد طوّلت هذه المسألة في ((العواصم)) (١) لمسيس الحاجة إلى معرفتها, وأكثرت من الاستشهاد على براءة أهل السّنّة [من] (٢) نفي الاختيار [بما] (٣) يكاد يملّ الواقف عليه, لما رأيت من كثرة عصبية الفرق [فيها] (٤) وتكفير المسلمين وتضليلهم بعضهم بعضاً من أجل الاختلاف فيها, والأمر [فيها] (٥) قريب كما ترى, فإنّ الجبرية أقرّوا بثبوت الاختيار للعبد, والمعتزلة يقرّون بأنّ العبد غير مستقل بالمعنى الذي ذكره الجويني وأصحابه, خاصّة أبو الحسين البصري وأتباعه, لكنّهم يختلفون في العبارة, ويحتاج العارف بمقاصدهم إلى الجمع بين أطراف كلامهم, والنّظر فيها مع الإنصاف والشّفقة على المسلمين ولا (٦) يكون من القوم الذين قيل فيهم:

أعوذ بالله من قوم إذا سمعوا ... خيراً أسرّوه أو شرّاً أذاعوه

ثمّ (٧) المعتزلة بأجمعهم يخالفون في المشيئة ويقولون: المشيئة للعباد في أفعالهم لا لله تعالى, والواقع منها ما شاء العبد لا ما شاء الله, وأهل السّنة مجمعون على أنّ المشيئة لله تعالى في ذلك لا للعبد؛ وهذه في الحقيقة هي مسألة الخلاف لا الأوْلى, فلو ذكرها المعترض


(١) (٧/ ٧٤ - فما بعدها)
(٢) في (أ) و (ي): ((في)).
(٣) في (أ) و (ي): ((مما)).
(٤) زيادة من (ي) و (س).
(٥) زيادة من (ي) و (س).
(٦) في (ي) و (س): ((وألا)).
(٧) في (س): ((نعم)).