للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكان ذلك به أوْلى, وحين (١) أعرض عن ذكرها أعرضت عنه أيضاً لأني مجيب لا مبتدىء, وإنّما ذكرت ذلك لئلاّ يتوهّم الواقف على كلامي أني قد سوّيت بين المعتزلي والسّنّي من كلّ وجه وجهلت موضع الخلاف بينهما.

وقد رام بعضهم أن يلفّق بين الفريقين فقال: إنّ المعتزلي يقول: إنّ الله تعالى أراد أن يجعل للعباد مشيئتهم ويُمضي لهم مرادهم, وتلخيصه: أنّ المعتزلة تقول: إنّ الله تعالى أراد أن تكون دار التّكليف دار تخلية بين المكلّفين وبين ما أرادوا, فكأنّه قد أراد ما أرادوا, فلهذا لم يكن مغلوباً سبحانه وتعالى. وفي هذا نظر [ليس هنا] (٢) موضع ذكره. وخلاصته: أنّ المعتزلة يجيزون تعارض إرادة الله وإرادة العبد في الفعل المعيّن, ويوجبون تأثير إرادة العبد دون إرادة الله في ذلك الفعل, وأهل السّنة يمنعون ذلك, فلا يمكن التّلفيق بين أقوالهم في هذه المسألة, وإنّما يمكن توجيه كلام أهل السنة بما ذكره الذّهبي في ترجمة عكرمة من كتاب ((الميزان)) (٣) فإنّه روى عن عكرمة أنّه سئل: لم أنزل الله المتشابه؟ فقال: ليضلّ به.

قال الذّهبي: ((ما أخشنها من عبارة /وأقبحها!! أنزله ليضلّ به كثيراً ويهدي به كثيراً, وما يضلّ به إلا الفاسقين)).


(١) في (س): ((ومن)).
(٢) في (أ) و (ي): ((لأن))! والمثبت من (س).
(٣) (٤/ ١٤). وعبارة الذّهبي: ((ما أسوأها عبارة, بل أخبثها, بل أنزله ليهدي به وليضل به الفاسقين)) اهـ.