للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السّبكي: فإن كان لهذا الحديث علّة لم نحتج إلى جواب, وقد قيل: إنّه - صلى الله عليه وسلم - اطّلع عن أنّ سنّ تلك الموءودة بل التكليف, ولم يلتفت إلى قول السّائل: لم تبلغ الحنث لجهله, ويكون التّكليف في ذلك الوقت منوطاً بالتّمييز والسّائل لجهله, ليس ذلك عنده من الأمور المحتاج إليها في تلك الحال فيبينه فيها. هذه خلاصة كلام أهل هذا المذهب, وهم المحقّقون من أهل السّنة كما قال النّووي -رحمه الله-.

فثبت بنقل إمام المحدّثين أنّ المحقّقين منهم لا يقولون بتعذيب الأطفال, وإلى ذلك مال الإمام السّبكي في جزء ألّفه في هذه المسّألة (١) , وكذلك الغزّالي في كتاب ((القسطاس المستقيم)) (٢) قال ما لفظه: ((وأنت تعلم أنّ الله تعالى /ينزل الصّبيان إذا ماتوا منزلاً من الجنّة دون منازل البالغين)) , هذا لفظه في كتابه المذكور, وهو مشهور عند الأشعرية, وقال القاضي أبو بكر بن العربيّ في ((عارضة الأحوذي في شرح التّرمذيّ)) (٣) إن حديث رؤية النّبي - صلى الله عليه وسلم - لإبراهيم قويّ, وحديث: ((عصفور من عصافير الجنّة)) قد غمزه الحفّاظ, وحديث ((هم من آبائهم)) , يعني في إهدار دمهم فإنّهم سألوه: إنّا نغير على المشركين فنصيب من أولادهم, فقال: ((هم من آبائهم)) يعني في إهدار الجناية عليهم, وهذا بيّن لا إشكال فيه)). هذا لفظه.


(١) انظره في: ((فتاوى السبكي)): (٢/ ٣٦٠ - ٣٦٥).
(٢) ذكره في ((كشف الظنون)): (ص/١٣٥٦).
(٣) (٨/ ٣٠٦).