للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضاً في التّرجيح بين الأخبار في ذلك: ((أما حديث: ((كلّ مولود يولد على الفطرة)) فيعضده المشاهدة والأدلّة العقلية. إلى قوله: ((وقد يكون في أولاد المشركين مؤمن, وفي أولاد المؤمنين كافر, ويحكم الباري فيهم بعلمه, وهذا بيّن من التّأويل لا يتطرّق إليه إشكال ويرفع جهل الجهال)) , وكلامه في هذا يردّ (١) علىالخصم, حيث (٢) زعم أنّهم يعلّلون تعذيب الأطفال بكفر الآباء وينكرون (٣) الأدلّة العقلية, وأمّا من أجاز ذلك, ولم يتأوّل الأخبار من أهل العلم منهم؛ فإنّهم لم يجيزوا تعذيب الأطفال لأجل ذنوب آبائهم, بل افترقوا في تعليل ذلك فرقتين:

الفرقة الأولى: أهل الجمود منهم, وترك الخوض في الكلام, وهؤلاء يجوّزون أنّ في حكمة الله وعلمه المكنون من أنواع الحكم ما لا تدركه العقول, فيجوز عندهم أن يكون ذلك على ظاهره, ويكون لله تعالى من الحكمة فيه ما يحسن معه, وإلى هذا أشار ابن الجوزيّ بقوله (٤) في وصف الله تعالى: ((بثّ الحِكَم فلم يعارض بلم)) , وقوله في ذلك: ((خرست في حضرة القدس صولة لم, فأقدام الطّلب واقفة على جمر التّسليم)).

وربّما ذكر الفطناء منهم وجوهاً من حكمة الله تعالى في ذلك


(١) في نسخة: ((لا يرد)) كذا في هامش (أ) و (ي).
(٢) في (س): ((حديث))!.
(٣) في (س): ((ويكثرون))!.
(٤) تقدّمت العبارة بتمامها (ص/٣٠١).