وذكر شيخ السّنّة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي, قال: حدّثنا الحافظ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله, سمعت أبا الحسن عليّ بن محمد الأديب يذكر بإسناد له أنّ رأس الحسين - عليه السلام - لما صلب بالشّام أخفى خالد بن عفران شخصه من أصحابه وهو من أفاضل التّابعين, فطلبوه شهراً حتّى وجدوه, فسألوه عن عزلته فقال: أما ترون ما نزل بنا؟ ثم أنشأ يقول:
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمّد ... متزمّلاً بدمائه تزميلاَ
فكأنّما بك يا ابن بنت محمّد ... قتلوا جهاراً عامدين رسولاً
/قتلوك عطشاناً ولم يترقّبوا ... في قتلك التّنزيل والتّأويلاً
ويكبّرون بأنّ قُتلت وإنّما ... قتلوا بك التّكبير والتّهليلاً
قال ابن دحية: واعجبوا -رحمكم الله- من الأمم الذين كانوا من قبلكم, وقد فضّل الله أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - عليهم, منهم: المجوس يعظّمون النّار؛ لأنّها صارت برداً وسلاماً على إبراهيم, والنّصارى يعظّمون الصّليب لادّعائهم أنّه من جنس العود الذي صلب عليه ابن مريم, وابن مرجانة, وأصحابه العدا قتلوا الحسين ابن نبيّ الهدى, ولم يتلفتوا إلى قول أصدق القائلين:((قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى)) [الشورى/٢٣].
قال: ولمّا قدموا برأس الحسين صرخت نساء بني هاشم؛ فقال مروان:
عجّت نساء بين زياد عجّة ... كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
قال ابن دحية: وأنا أقول قولاً هو الإيمان: هنيئاً لك الشّماتة