للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجلد الثمانين في الخمر قد شاع في الصّحابة واستمرّ عليه عمل الأمّة إلى هذا العصر, مع أنّه غير منصوص في كتاب ولا سنّة, وإنّما عمل به للمصلحة, فدلّ على إجماع الصّحابة ومن بعدهم على جواز العمل بالمصالح ما لم تصادم النّصوص.

ومن المعلوم أنّ أخذ الولاية من أئمة الجور في ممالك الإسلام, وإقامة الحدود, واستخراج الحقوق, والقضاء بين الخصوم: من أعظم المصالح العامّة, وآكد الفرائض المهمّة, وقد ورد القرآن الكريم بقتل النّفس لمصلحة غير كلّية, وذلك في قصّة يونس - عليه السلام - قال تعالى: ((فساهم فكان من المدحضين)) [الصافات/١٤١] فألقى بنفسه الكريمة لأجل مصلحة أهل السفينة, وإن كان هذا من شرع من قبلنا؛ فالصّحيح: أنّ ما حكاه الله تعالى في كتابنا من ذلك فهو حجّة لقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصّة كسر سنّ الرّبيع بنت معوّذ: ((القصاص كتاب الله)) , وهو في ((الصحيح)) (١) ولم يرد السنّ بالسّنّ في كتاب الله إلا حكاية عن شرع من قبلنا في قوله تعالى: ((وكتبنا عليهم فيها)) الآية [المائدة/٤٥].

وكذا في ((الصّحيح)) (٢) مرفوعاً: ((من نام عن صلاته أو نسيها فوقتها حين يذكرها)) ثمّ تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وأقم الصلاة لذكري)) [طه/١٤] فاحتج - عليه السلام - بالآية وهي في خطاب


(١) أخرجه البخاري ((الفتح)): (١٢/ ٢٢٣) , ومسلم برقم (١٦٧٥) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه مسلم برقم (٦٨٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.