للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[على التّجوّز] (١) بها متى كان العقل يقطع على أنّ المتكلّم ممّن لا يصح منه إرادة ظاهر كلامه, فلهذه النّكتة يختلف الاستدلال بها: فيصح في مواضع فيما بين النّاس ولا يصح مثله في كلام الله تعالى, وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - , مثال ذلك: أنّا نفهم التّجوّز في قول الشّاعر:

شكا إلىّ جملي طول السّرى يا ... جملي ليس إليّ المشتكى (٢)

وذلك لأنّ العادة جرت أنّ العجماوات لا تكلّم النّاس, فأمّا ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: ((إنّ هذا الجمل شكا عليّ أنّك تجيعه وتُدئِبه)) (٣) فلا يفهم منه التّجوّز؛ لأنّا لم نعلم ولا نظنّ امتناع الظّاهر في حقّه - صلى الله عليه وسلم - , بل يجوز مثل ذلك لكبار أولياء الله تعالى وخواصّ عباده الصّالحين نفع الله بهم. ومن ههنا اختلف كثير من المحدّثين والمعتزلة في تأويل كثير من الأحاديث والآيات مثل قوله تعالى: ((وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)) [الإسراء/٤٤]. فالمعتزلة حملوه على المجاز لظنّهم أنّ الظّاهر لا يصح, وأهل الحديث لم (٤) يتأوّلوه, لقطعهم على أنّه لا مانع من صحّة الظّاهر, بالنّظر إلى قدرة الله تعالى وعلمه, فإنّه تعالى قادر على إنطاق كلّ شيء


(١) سقطت من (أ).
(٢) في هامش (أ) كتب: ((بعده:
* صبر جميل فكلانا مبتلى*))
(٣) في (س): ((وتعذّبه))! والحديث أخرجه أبو داود: (٣/ ٥٠) , والحاكم (٢/ ١٠٠) , والبيهقي في ((الكبرى)): (٨/ ١٣). وأصله في مسلم برقم (٣٤٢) بدون القصة.
(٤) سقطت من (س)!.