للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالإجماع من المعتزلي والمحدّث, وقد ورد في القرآن: ((عُلّمنا منطق الطّير)) [النّمل/١٦] وكلام الهدهد والنّملة مع سليمان - عليه السلام - وتسبيح الجبال مع داود ... - عليه السلام - وورد في السّنّة من ذلك ما لا يتّسع له هذا المكان, مثل: حنين الجذع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وتسبيح الحصى في يده الشّريفة, وقد ذكر القاضي عيّاض -رحمه الله تعالى- جميع ذلك في كتابه ((الشّفاء)) (١) وقسمه في ثلاثة فصول بعضها في كلام الحيوانات من العجماوات, وبعضها في كلام الشّجر, وبعضها في كلام سائر الجمادت.

فإذا تقرّر هذا؛ فاعلم أنّ عامّة أهل الأثر لما رأوا هذا داخلاً في قدرة الله تعالى, لم يتأوّلوا شيئاً مما ورد من ذلك مثل قوله تعالى: ((قالتا أتينا طائعين)) [فصّلت/١١] وليس يلزمهم من هذا أن يسبّح كلّ جزء من الأجسام اللّطيفة مثل ورقة التّين والقلم والسّواك, بل إذا سبّحت الأرض والسّماء ونحوهما فقد صدق أنّه يسبح لله تعالى كلّ شيء مثل ما أنّه يصدق أنّه قد سبّح لله تعالى كلّ شيء, من جنس الملائكة والأنبياء والمؤمنين, وإن لم يسبح منهم كلّ شعرة على انفرادها, على أنّه تعالى قادر على إنطاق كلّ جزء لطيف, فأصل الخلاف في تأويل هذه الآية وأمثالها على هذه النّكتة التي أشرت إليها, وقد يتوقّف المحدّث في استحالة أمور عقليّة وهي ظاهرة الاستحالة عند أهل النّظر في العقليات مثل حديث: ((إنّه يؤتى بالموت


(١) (١/ ٦١٤ - ٦٢٧) مع شرح القاري, وانظر: ((الخصائص الكبرى)): (٢/ ٥٦ - فما بعدها) للسيوطي.